لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
____________________________________
[٢٦] ومن كونه غنيا حميدا يتبين أن إرساله الرسل والأحكام ليس لأجل حاجته وإنما لأجل الناس أنفسهم (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) بالأدلة البينة الواضحة (وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ) جنس الكتب السماوية (وَ) أنزلنا (الْمِيزانَ) ومعنى إنزاله تقريره ، وحيث إنه من مكان رفيع معنى ، صح «أنزلنا» كما يقال هذه الأمور من فوق إذا كانت من الرئيس ، والمراد كل ميزان للحق والباطل ، سواء كانت موازين للأخلاق أو المعاملات أو المعاشرات أو الموازين الحديدية ونحوها ، لأن كل الموازين العلمية والعملية إنما قررها الله سبحانه ، (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) أي بالعدل ، فلا يظلم أحد أحدا ، فالكتاب لبيان الحكم ، والميزان لتطبيق ذلك الحكم على المجتمع ، ومن يخالف؟ فله الحديد (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) إنزاله باعتبار تقديره في السماء (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) بالقتل والقصاص ونحوهما (وَ) فيه (مَنافِعُ لِلنَّاسِ) لأن كثيرا من الحاجات تكون بسبب الحديد (وَلِيَعْلَمَ اللهُ) عطف على فيه بأس ، أي أنزلنا الحديد للبأس والمنفعة والامتحان (مَنْ يَنْصُرُهُ وَ) ينصر (رُسُلَهُ) إذ استعمال الأسلحة الحديدية في مجاهدة الكفار نصرة لله ولرسله (بِالْغَيْبِ) في حال كون الله ، أو الرسول غائبا عنهم إذ الناس لا يرون الله ، وكثيرا لا يرون الرسول ، ومع ذلك يجاهدون ، ومعنى «ليعلم الله» أي ليتحقق علمه في الخارج ، لكن ليس طلب الله للنصرة عن