رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧)
____________________________________
لا من حرّف دينه وغيّر كتابه (رَأْفَةً) صفة داخل القلب (وَرَحْمَةً) صفة داخل القلب إذا ظهرت في الخارج (وَرَهْبانِيَّةً) مشتقة من رهبة بمعنى ما يظهر من العبادة على الجوارح من آثار رهبة القلب ، ورهبان جمع راهب (ابْتَدَعُوها) بدعة حسنة أي طبقوا أمر الله بالرهبة على كيفية خاصة فإن للإنسان أن يطبق الكلي على بعض أفراده ، مثل أن يطبق قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «الوقوف على حسب ما وقفها أهلها» على بناء المدرسة الدينية ، فهي مجعولة باعتبار جعل الله الكلي ، ومبتدعة باعتبار الفرد ، ولذا لا منافاة بين قوله تعالى «جعلنا» وبين قوله «ابتدعوها» (ما كَتَبْناها) الرهبانية (عَلَيْهِمْ) بالصيغة الخاصة (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) فإنهم لما ابتدعوها كتبناها عليهم بالصيغة الخاصة لأجل طلب رضى الله ، فهي مجعولة بالكلية ، مبتدعة بالصيغة الخاصة ، مكتوبة بعد ذلك لأجل رضى الله (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) لأن الرؤوف الرحيم الراهب يجب عليه التصديق بما جاء من عند الله ، لكنهم بكفرهم بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وباختلافهم قبل ذلك ، وجعلهم الإله ثالث ثلاثة ، وبتحريفهم الإنجيل ، وبغشوتهم على الناس ، تركوا رعاية تلك الأوصاف (فَآتَيْنَا) أعطينا (الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ) أي بقوا على إيمانهم ، لأن للإنسان في كل يوم إيمانا جديدا (أَجْرَهُمْ) الذي يستحقون بسبب بقائهم على إيمانهم (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن طاعة الله.