لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ
____________________________________
لا يخشع له القلب القاسي (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) (١) (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) بأن كان الجبل هو المخاطب بالقرآن الموظف للعمل به (لَرَأَيْتَهُ) أي رأيت يا رسول الله ، أو أيها الرائي ، ذلك الجبل (خاشِعاً) خاضعا خائفا (مُتَصَدِّعاً) أي منشقا (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) وخوفه ، وهذا إما على نحو الحقيقة باعتبار أن للجماد إدراكا وان كنا لا نعرف كيفية إدراكه ، كما قال سبحانه (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) (٢) وقال (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٣) وقال (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٤) وقال (وَأَشْفَقْنَ مِنْها) (٥) وإما على المجاز كناية عن قوة ما في القرآن من النفوذ والمضي حتى إن الجبل ـ مع عظمته ـ لو عقل لخشع وتصدع ، فكيف لا يخشع الإنسان؟ (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) أي هذا المثل وما أشبهه نبينها للناس ، وهذا مثل لشدة نفوذ القرآن ومضيه ، لتقريب عظمة القرآن إلى الأذهان (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي لكي يتفكروا فيما ضرب له المثل ، فإن المثل يقرب الذهن إلى الممثّل له ، فيكون مجال التفكير فيه أوسع.
[٢٣] ثم أتى السياق لبيان جملة من صفات الله سبحانه ، لبيان خضوع الوجود كله له تعالى كما أن الجبل يخضع لكلامه (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)
__________________
(١) البقرة : ٧٥.
(٢) سبأ : ١١.
(٣) فصلت : ١٢.
(٤) الإسراء : ٤٥.
(٥) الأحزاب : ٧٣.