وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا
____________________________________
[٣٥] (وَكَأْساً) وهو إناء الشراب (دِهاقاً) أي مملوءة ، من «الدهق» بمعنى شدة الضغط ، كأنه لا مجال فيها للماء أو الشراب بعد ذلك.
[٣٦] (لا يَسْمَعُونَ) أي المتقون (فِيها) أي في الجنة كلاما (لَغْواً) لا فائدة فيه (وَلا كِذَّاباً) أي تكذيبا من بعضهم لبعض.
[٣٧] وإنما يكون المتقون في هذا النعيم الأبدي (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ) يا رسول الله لهم ، على أعمالهم الحسنة في الدنيا ، في حال كون ذلك الجزاء (عَطاءً حِساباً) أي عطاء بالحساب ، فليس الأمر اعتباطا.
[٣٨] ثم بين ربك بما يدل على عظمته سبحانه بقوله : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) فكل شيء له خلقا وتربية (الرَّحْمنِ) وجيء بهذا الوصف للدلالة على أنه سبحانه رحيم بعباده يتفضل عليهم بالمغفرة والرحمة ، وأنهم إنما استحقوا الثواب برحمته لا بأعمالهم (لا يَمْلِكُونَ) أي البشر (مِنْهُ) تعالى (خِطاباً) فلا يقدر أحد أن يكلم الله سبحانه أو يشفع لأحد إلا بإذنه ، فهو رحيم ذو هيبة وجلال ، وليس كرحيم الدنيا الذي إذا عطف قلبه على أحد يمكن التسلط عليه للين قلبه.
[٣٩] ثم بين معنى (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) بقوله : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) وهو ملك عظيم كما ورد في الأحاديث (١) (وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) كما يصطف
__________________
(١) راجع مجمع البيان : ج ١٠ ص ٢٤٧.