فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦) كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ
____________________________________
للتأكيد ، ولعل النكتة في زيادتها الإلماع إلى أن «ابتلاءه» ليس بابتلاء حقيقة ، وإنما هو شيء طفيف يصيبه ومع ذلك لا ينجح في الامتحان (فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ) بأن جعل له مكانا كريما ذا شرافة ، ونعمة وافرة ، ليختبره هل يعمل بوظيفته في الثروة والجاه أم لا؟ فيفرح بذلك ويظنه ثوابا له وجزاء على عمله ، وأنه باستحقاق أوتي ما أوتي ويقول (رَبِّي أَكْرَمَنِ) حذفت الياء تخفيفا ، أي أن هذا لكرامتي على الله ، ولا يعتبره امتحانا.
[١٧] (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) أي امتحنه الله سبحانه بالفقر والضعة (فَقَدَرَ) أي ضيق (عَلَيْهِ) أي على الإنسان (رِزْقَهُ) فجعله فقيرا مملقا فيحزن لذلك ويظن أن ذلك هوان من الله عليه ، ويقول (رَبِّي أَهانَنِ) أي أهانني ، ولا يعتبر ذلك ابتلاء ، وهذا بخلاف الإنسان المؤمن الذي يرى كل شيء يصيبه اختبارا وامتحانا ، فيخاف من النعمة لئلا يعصي الله فيها فلا يشكره ، ولا يحزن من الفقر لأنه يعتبره امتحانا له إن صبر كان رفعا لدرجته.
[١٨] (كَلَّا) ليس الأمر كما ظن هذا الإنسان ، فإن التنعيم ليس لكرامة ، والإفقار ليس لإهانة بل كل ذلك مختلف ، والمجموع للابتلاء والاختبار (بَلْ) إنهم غافلون عن حكمة الإعطاء والمنع ، ذاهلون أن كل ذلك للابتلاء ، ولذا لا يقومون بواجب العطاء ـ ولم يذكر القيام بواجب الفقر من الصبر ، لأن الكلام كان موجها نحو الأغنياء من الناس الذين مثل لهم بمصارع عاد وثمود وفرعون ـ فـ (لا تُكْرِمُونَ