فبالامكان الحفاظ على هذا الظهور وهو ما كنّا نسميه بالظهور التصديقي الاوّل فيما تقدّم ونتصرّف في الظهور التصديقي الثاني وهو ظهور حال المتكلم في ان كل ما قاله وابرزه باللفظ مراد له جدّا ، فان هذا الظهور لو خلّي وطبعه يثبت ان كل ما يدخل في نطاق المعنى المستعمل فيه فهو مراد جدّا ، غير ان المخصص يكشف عن ان بعض الافراد ليسوا كذلك ، فكلّ فرد كشف المخصص عن عدم شمول الارادة الجدية لهم نرفع اليد عن الظهور التصديقي الثاني بالنسبة إليه ، وكل فرد لم يكشف المخصص عن ذلك فيه نتمسّك بالظهور التصديقي الثاني لاثبات حكم العام له.
وفي بادئ الامر قد يخطر في ذهن الملاحظ ان هذا الجواب ليس صحيحا لانه لم يصنع شيئا سوى انه نقل التبعيض في الحجية من مرحلة الظهور التصديقي الاوّل الى مرحلة الظهور التصديقي الثاني ، فاذا كان الظهور التضمّني غير تابع للظهور الاستقلالي في الحجية فلما ذا لا نعمل على التبعيض في مرحلة الظهور التصديقي الاوّل (١)؟ واذا كان تابعا له كذلك (٢) فكيف نعمله في مرحلة الظهور التصديقي الثاني ونلتزم بحجية بعض متضمناته دون بعض؟
وردّنا على هذه الملاحظة ان فذلكة الجواب ونكتة نقل التبعيض من مرحلة الى مرحلة هي ان الظواهر الضمنية في مرحلة الظهور التصديقي
__________________
(١) خلافا لصاحب الكفاية ، فانه لم يعمله في مرحلة الاستعمال.
(٢) اي واذا كان المدلول التضمني تابعا للمدلول الاستقلالي في الحجية ـ كما هو الحال في المداليل الالتزامية ـ فيلزم ان يسقط التضمني إذا سقط الاستقلالي ، لا ان نعمل التبعيض في مرحلة الظهور التصديقي الثاني كما فعل صاحب الكفاية.