الاوّل مترابطة ولها نكتة واحدة ، فان ثبت بطلان تلك النكتة لم يسلم شيء من تلك الظواهر الضمنية ، والنكتة هي ظهور حال المتكلم (١) في انه يستعمل اللفظ استعمالا حقيقيا ، فان هذا هو الذي يجعلنا نستظهر ان هذا الفرد من المائة داخل في نطاق الاستعمال وذاك داخل وهكذا.
فاذا علمنا بأنّ اللفظ قد استعمل مجازا وان المتكلم قد خالف
__________________
(١) في مرحلة الاستعمال.
ومراده من الجواب : اننا (تارة) نقول «جاء اسد» ونريد به المعنى الحقيقي ، فهذا استعمال حقيقي ، و (تارة اخرى) نقول «جاء اسد القوم» ونريد به الرجل الشجاع ، وهذا استعمال مجازي لاننا استعملنا لفظة «اسد» هنا في غير المعنى الموضوعة له ولكن مع ذلك يصحّ الاستعمال لوجود «وجه شبه» بينهما ، و (ثالثة) نقول «جاء اسد» ونقصد به الرجل الجبان او كتابا او اي شيء آخر لا مناسبة بينه وبين المعنى الحقيقي ل «اسد» فهذا يسمّى استعمالا خاطئا وذلك لعدم وجود «وجه شبه» بينهما.
فاذا تأمّلت في هذه الحالات الثلاثة ترى ان نظرنا فيها الى مرحلة الاستعمال ، ففي الحالة الاولى قد استعملت اللفظة في مرحلة الاستعمال في معناها الموضوعة له ، وفي الحالة الثانية لم تستعمل ـ اي في مرحلة الاستعمال ـ في معناها الموضوعة له ، وكذا الامر في الحالة الثالثة.
(وما نحن فيه) من هذا القبيل تماما ، (فتارة) يقول المولى «اكرم كل من في البيت» ويريدهم كلهم ، فهو استعمال حقيقي لانه استعمل لفظة «كل» ـ اي في مرحلة الاستعمال ـ في معناها الحقيقي وهو الشمول ، و (تارة اخرى) يستعملها في الاعم الاغلب مجازا بدليل الاستثناء المنفصل لعشرة افراد من المائة مثلا ، ففي هذه الحالة نعرف ان المتكلم لم يستعمل لفظة «كل» في معناها الحقيقي وانما في المعنى المجازي وهو معنى الاعمّ الاغلب فلا موجب في هكذا صورة ان يتمسك بلفظة" كل" لاثبات الحكم على كل الباقين.