ومن هنا نصل الى صيغة عامّة للتقييد يفرضها العقل على كل تكليف وهي تقييده بعدم الاشتغال بامتثال واجب آخر لا يقلّ عنه اهمية (١). وعلى هذا الاساس اذا وقع التضاد بين واجبين كالصلاة وانقاذ الغريق او الصلاة وازالة النجاسة عن المسجد فالتعرّف على ان ايّهما
__________________
(١) اي ان لم تشتغل بواجب آخر لا يقلّ اهمية عن الصلاة فصلّ
__________________
فعلية الحكم بالصلاة ، فكأن الحكم بالصلاة هكذا «اذا زالت الشمس ولم يوجد مزاحم اهمّ فصلّ» ، (وبين) تقييد اطلاق الامر بالصلاة في مرحلة التنجيز بعدم البناء على امتثال الامر بالاهمّ بمعنى انك ان لم تكن تريد ان تمتثل الامر بالاهمّ فصلّ ، فالشرط هنا كما ترى ناظر الى مرحلة الامتثال لا الى مرحلة الجعل ، فيكون الحكم بالصلاة مطلقا في مرحلة الجعل لكنه لا فاعلية له وغير محرّك في حال وجود اهم منه في مرحلة الامتثال ، وفعليّته تامّة لتمامية شرائط فعلية الحكم او قل لتمامية ملاك الصلاة ومصلحتها في نفسها (ولا يخفى) عليك ان شروط التنجيز ـ كالعلم مثلا ـ ليست داخلة في ملاك الجعل ، فان العلم غالبا لا يكون داخلا في ملاك وجوب الصلاة مثلا ، ورغم ذلك اذا لم يعلم المكلف بوجوب الصلاة فانها تكون واجبة عليه وقد تكون فعلية ايضا كما اذا كان وقت الفريضة داخلا مثلا ، ولذلك اذا صلّى غير العالم بالصلاة برجاء المطلوبية فانها تصحّ منه ولا يجب عليه قضاؤها لانها تكون واقعا واجبة بالوجوب الفعلي ... وهنا الامر تماما هكذا ، فان الشرط الموجود في قولنا السابق «إن لم تكن تريد ان تمتثل الامر بالاهم فصلّ» ليس دخيلا في ملاك وجوب الصلاة ، وانما هو ناظر الى مرحلة التزاحم لا اكثر. (ولا شك) ان الصحيح هو الفرض الثاني وذلك لوضوح ان المشكلة حصلت في مرحلة الامتثال ، أي انه لو لا وجود المزاحم الأهمّ لا نقص في ملاك الحكم بالصلاة ، ورغم الاشتغال بالمزاحم الاهم لا ضرر على ملاك الحكم بالصلاة ، ولذلك لو صلّى ـ والحالة هذه ـ لكانت صلاته صحيحة لفعليّتها.