الاشتغال بالاهمّ ، وهذا ما يسمّى بالوجوب الترتبي ، ولا يحتاج اثبات هذا الوجوب الترتبي الى دليل خاص بل يكفيه نفس الدليل العام (١) لان مفاده ـ كما عرفنا ـ وجوب متعلقه مشروطا بعدم الاشتغال بواجب لا يقل عنه اهمية ، والوجوب الترتبي هو تعبير آخر عن ذلك بعد افتراض اهمية المزاحم الآخر (*).
ومن نتائج هذه الثمرة ان الصلاة اذا زاحمت انقاذ الغريق الواجب الاهم واشتغل المكلف بالصلاة بدلا عن الانقاذ صحّت صلاته على ما تقدّم (٢) لانها مأمور بها بالامر الترتبي وهو امر محقّق فعلا في حقّ من لا يمارس فعلا امتثال الاهم ، وامّا اذا اخذنا بوجهة نظر صاحب الكفاية رحمهالله القائل بان الامرين بالضدين لا يجتمعان ولو على وجه الترتب فمن الصعب تصحيح الصلاة المذكورة ، لان صحتها فرع ثبوت امر بها ، ولا امر بها ولو على وجه الترتب بناء على وجهة النظر المذكورة.
__________________
(١) الذي ذكره ضمن ثلاث نقاط.
(٢) ويظهر من التعليقات على العروة الوثقى مسألة من صلّى في سعة الوقت مع كون الاهم هي ازالة النجاسة ان كلّ او جلّ علمائنا يقولون بصحة الصلاة في هذه الحالة (راجع الثالث من احكام المسجد).
__________________
(*) ذكرنا في تعليقتنا على الحلقة الثانية في هذا البحث عدم وجود دليل على تقيد وجوب الصلاة بعدم الاشتغال بالضد الاهم او المساوي ، وتمسكنا هناك باطلاق دليل الواجب لحالة الاشتغال بالضدّ ، نعم انما ترتفع منجّزيته وجوب الصلاة اي فاعليته ومحرّكيته ، فراجع.