وقد يعترض على الاتجاه الثالث بانّ الوجوب فعل اختياري للشارع يجعله حيثما اراد ، فإذا جعله على الجامع لا يعقل ان يسرى بنفسه الى غير الجامع ، فان أريد بالوجوبات المشروطة سريان نفس ذلك الوجوب فهو مستحيل ، وان أريد ان الشارع يجعل وجوبات اخرى (١) مشروطة فهو بلا موجب فيكون لغوا.
ويمكن أن يجاب على ذلك بأن هذا انما يتم في مرحلة جعل الحكم والايجاب لا في مرحلة الشوق والارادة ، إذ لا مانع من دعوى الملازمة في هذه المرحلة بين حبّ الجامع وانحاء من الحب المشروط للحصص ، ولا يأتي الاعتراض باللغوية ، لأن الكلام هنا عن المبادئ التكوينية للحكم ، وهذه الملازمة لا برهان عليها ولكنها مطابقة للوجدان (*).
__________________
فقط كالانسان والفرس ونحو ذلك. فإنه لا يصحّ ان تقول «زيد نوع» ويصح ان تقول «الانسان نوع».
(١) اي اضافة الى الوجوب المنصبّ على الجامع.
__________________
(*) الحقّ ان الاحكام تنصبّ على عناوين المتعلقات بما هي مرايا حاكية عن معنوناتها في الخارج ، فقول المولى مثلا «صل» انما ينظر فيه الى عنوان «الصلاة» بما هو مرآة وحاك عن الصلاة التي يمكن او القابلة لأن تحصل في الخارج مع غضّ النظر عن خصوصياتها المتصفة بها في الخارج ، فليس نظر المولى الى لباس زيد الاخضر ومكان صلاته في اي زاوية من زوايا غرفته و.... انما يطلب منا طبيعة الصلاة التي توجد في ايّ فرد من افرادها سواء كانت بثوبه هذا او ذاك او في هذه الزواية او تلك. ونحن حينما تقول بتعلّق الاوامر بالطبائع نقصد هذا المعنى من الطبائع التي توجد في الخارج بوجود افرادها. ولا يمكن قانونيا تعلق الاحكام بالافراد الخارجية لأن الخصوصيات الخارجية الزائدة عن طبيعة الصلاة مثلا غير مطلوبة قطعا ، فيبقى ان المتعلق المطلوب (هل) هو هذه الطبيعة