للواجب (اي لترك البقاء) او بتخصيص في دليل حرمة التصرّف في المغصوب على نحو ينفي وجود نهي من اوّل الامر عن هذه الحصّة من التصرّف او بانخرام في قاعدة وجوب المقدّمة وجوه بل أقوال :
اما الوجه الاوّل : فحاصله ان الخروج والبقاء متضادّان ، والواجب هو ترك البقاء ، وفعل احد الضدّين ليس مقدّمة لترك ضدّه ، كما تقدّم في الحلقة السابقة (١).
وهذا الوجه حتى إذا تمّ لا يحلّ المشكلة على العموم ، لان هذه المشكلة لا نواجهها في هذا المثال فقط بل في حالات اخرى لا يمكن انكار المقدّمية فيها من قبيل من سبّب بسوء اختياره الى الوقوع في مرض مهلك ينحصر علاجه بشرب الشراب المحرّم فان مقدمية الشرب في هذه الحالة واضحة (*).
__________________
(١) اي ليس الخروج مقدّمة لترك البقاء ، وانما هما متضادّان ، كما كان البياض ليس مقدّمة لترك السواد ، وانما إرادة الخروج هي المقدّمة لترك البقاء وقد تقدّم ذلك في بحث «اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه» عند قوله «ولكن الصحيح انه لا مقدّمية لترك احد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر ...» ، مثال آخر : انه لا مقدّمية لترك الصلاة لتحصيل الانقاذ ، بل المقدّمية هنا لارادة الانقاذ فان اراده فانه تلقائيا لن يصلّي ، وهنا الامر كذلك فليس الخروج مقدّمة للتخلّص الواجب فليس الخروج اذن واجبا ، فيبقى متصفا بصفة الحرام فقط فلا يتصف اذن الخروج بالواجب والحرام في نفس الوقت.
__________________
(*) (اقول) لا شك في صحّة ردّ السيد المصنف (رحمهالله) على هذا الوجه ، فانه لا مجال لانكار المقدمية. (لكن) يحسن في هذا المجال ان نقول بانه رغم ايماننا بالمقدّمية