وأما الوجه الثاني فلا يمكن الاخذ به (١) الّا مع قيام برهان على التخصيص المذكور بتعذّر أيّ حلّ آخر للمشكلة.
وامّا الوجه الثالث فهو المتعيّن ، وذلك بان يقال : ان المقدّمة من ناحية انقسامها الى فرد مباح وفرد محرّم على أقسام :
احدها : ان تكون منقسمة الى فردين من هذا القبيل فعلا ، وفي هذه الحالة يتّجه الوجوب الغيري نحو غير المحرّم خاصّة (٢) ، لأنّ الملازمة التي يدركها العقل لا تقتضي اكثر من ذلك (٣).
__________________
(١) للشمول في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «فانه لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله الا بطيبة نفس منه».
(٢) فالسير الى الحج مثلا واجب ، لكن الفرد المحرّم منه غير واجب بل منهي عنه وإن كان يكتفى به.
(٣) بمعنى ان العقل لا يحكم بوجوب طبيعي السير الى الحج ولو كان.
__________________
المقدّمة كالوضوء بالنسبة الى الصلاة. اطلاق مجازي ، وإن كان هذا الاطلاق حقيقيا إن اريد بالوجوب هنا «الوجوب التزاحمي» اي الذي يحكم به العقل في حال تزاحم الاشدّ محذورية مع اقلّهما.
(والنتيجة) انه حتى في هذه الحالة لا يجتمع امر. بمعنى ما يكون فيه مصلحة الزامية كالصلاة. ونهي على نفس المتعلّق ، وانما يوجد نهي فقط ، وهو نهي ـ كما عرفت ـ فعلي لا فاعلي محرّك ، فافهم ، فان الاشتباهات قد تحصل من عدم التدقيق في المصطلحات ، فان غيّرت فيها تغيّرت النتيجة وذلك كما لو قلت ان دفع الاشد محذورية باقلهما واجب بالوجوب التزاحمي فيكون الخروج واجبا بالوجوب الغيري الفعلي والفاعلي وحراما بالحرمة الفعلية دون الفاعلية ، والنتيجة انه ح سيجتمع الامر والنهي في هذه الحالة ، والأساس في هذا الاختلاف هو الاختلاف في المراد من الواجب في المقام وإلا فالبحث اسهل مما يتصوّر.