لاستكشاف التحريم [اي تحريم ترك الصلاة] (* ٢).
__________________
(* ٢) نظرة الى مسألة اقتضاء وجوب الشيء لحرمة ضدّه العام :
الظاهر ان الاختلاف في هذه المسألة ناشئ من الاختلاف في المراد من كلمتي «وجوب» و «حرمة» ، فمن قال بان المراد منهما هو الالزام بالفعل او الترك مطلقا ـ اي حتّى ولو كان هذا الالزام ناشئا من ملازمة وجوب الشيء لممنوعية تركه لا من ملاك الحكم ـ قال بالاقتضاء ، ومن قال بان المراد منهما هو الالزام الناشئ من الملاك ـ اي من المصلحة او المفسدة الالزاميتين في متعلقيهما ـ قال بعدم الاقتضاء وإن أمن بممنوعية ترك الواجب.
(وكلا النظرين صحيح) إن عرفنا مراد اصحاب النظريتين ، فالمراد من النظرية الاولى ان وجوب شيء يقتضي ممنوعية تركه ، والمراد من النظرية الثانية ان وجوب شيء لا يقتضي حرمة تركه ، وكلاهما صحيح.
(امّا) دليل النظرية الاولى فهو ان وجوب شيء كالصلاة يقتضي ممنوعية تركها عقلا ولو في مرحلة الامتثال ، إذ لا معنى للالزام الا ممنوعية المخالفة وهذا واضح عند جميع العقلاء. (فان قلت) لا ملازمة بين وجوب الشيء وممنوعية تركه ، او قل بين وجوب الشيء وبين المفسدة في تركه ، فالتاجر الغني إذا علم انه سيربح ربحا عظيما من التجارة الفلانية بحيث كانت تجارته هذه في غاية الرجحان لا يعني ان تركه لها يستلزم تضرره ، فوجود منفعة في الفعل لا يعني ان عدم جلبها يساوق المفسدة ، وكذا الحال في الصلاة وغيرها ، فان منفعة الصلاة لا تعني ان تركها يلازم وجود مفسدة في تركها وانما يعني عدم زيادة الحسنات ، وعدم زيادة الحسنات ليس مفسدة كما هو واضح (قلت) صحيح ما ذكرت من عدم استلزام ترتب مفسدة على ترك الواجب ، ولكن هذا لا ينفي صحة كلامنا وهو ان وجوب شيء يستلزم ممنوعية تركه عقلا ولو في مرحلة الامتثال ولا ندّعي وجود مفسدة في ترك الواجب او حرمة تركه شرعا. وفرق بين الحرمة الشرعية الناشئة من المفسدة في متعلقها وبين ممنوعية الترك الناظرة الى مرحلة الامتثال فقط.
(وامّا) دليل النظرية الثانية فقد اتّضح ممّا سبق ، وهو ان وجوب شيء انما يعني وجود مصلحة الزامية فيه ولا يعني وجود مفسدة فى تركه كما مرّ ، فان لم يستلزم وجود مفسدة في الترك فلا يستلزم التحريم الشرعي لهذا الترك ، إذ ان التحريم الشرعي انما يكون اذا وجد مفسدة في المتعلق.