العقلاء على قبحه ، فقتل انسان لاجل استخراج دواء مخصوص من قلبه يتمّ به انقاذ انسانين من الموت اذا لوحظ من زاوية المصالح والمفاسد فقط فالمصلحة اكبر من المفسدة ، ومع هذا لا يشك احد في ان هذا ظلم وقبيح عقلا (*) فالحسن والقبح اذن ليسا تابعين للمصالح والمفاسد بصورة بحتة بل لهما واقعية تلتقي مع المصالح والمفاسد في كثير من الاحيان وتختلف معها أحيانا.
والمشهور بين علمائنا الملازمة بين الحكم العملي العقلي والحكم الشرعي ، وهناك من ذهب الى استحالة حكم الشارع في موارد الحكم العملي العقلي بالحسن والقبح ، فهذان اتجاهان :
اما الاتجاه الاوّل فقد قرّب بان الشارع احد العقلاء وسيّدهم فاذا كان العقلاء متطابقين بما هم عقلاء على حسن شيء وقبحه فلا بد ان يكون الشارع داخلا ضمن ذلك أيضا.
والتحقيق أنّا تارة نتعامل مع الحسن والقبح بوصفهما امرين واقعيين يدركهما العقل ، واخرى بوصفهما مجعولين عقلائيين رعاية للمصالح العامّة (١) ، فعلى الاوّل لا معنى للتقريب المذكور لان العقلاء بما هم عقلاء انما يدركون الحسن والقبح ولا شك في ان الشارع يدرك
__________________
(١) كوضع اشارات السير للحفاظ على النظام العام للسير.
__________________
(*) قد يستشكل في وضوح هذا الامر فيقال بانه بالمصلحة والمفسدة الغالبتين يتشخص الحسن والقبح دائما حتى بالنسبة الى هذا المثال ، ولذلك حكم فقهاؤنا على ما هو معروف عنهم بقتل المسلمين اذا تترّس بهم الكفّار وتوقّف نصر الاسلام على قتل المسلمين ... راجع جواهر الكلام ج ٢١ ص ٦٨ فما بعد.