هي بصدد امور اخرى ، فبعضها بصدد المنع من التعويل على الرأى والاستحسان ونحو ذلك من الظنون العقلية ، وبعضها بصدد بيان كون الولاية شرطا في صحّة العبادة ، وبعضها بصدد بيان عدم جواز الانصراف عن الادلّة الشرعية والتوجّه رأسا الى الاستدلالات العقلية ، مع ان التوجّه الى الادلّة الشرعية كثيرا ما يحول دون حصول القطع من الاستدلال العقلي كما هو الحال في رواية ابان الواردة في دية اصابع المرأة (١).
وبهذا ينتهي البحث في الدليل العقلي وبذلك نختم الكلام في مباحث الادلة من الحلقة الثالثة. وقد كان الشروع فيها في اليوم التاسع عشر من جمادى الثانية ١٣٩٧ ه ، وكان الفراغ في اليوم الثالث
__________________
(١) وهي رواية صحيحة مشهورة رواها المحمّدون الثلاثة في كتبهم (الكافي ، الفقيه ، والتهذيب) والبرقي في محاسنه وهي :
محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير ومحمد بن يعقوب عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن ابي عمير عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن ابان بن تغلب قال قلت لابي عبد الله عليهالسلام : ما تقول في رجل قطع اصبعا من اصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشرة من الابل ، قلت : قطع اثنتين؟ قال : عشرون ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون ، قلت : قطع اربعا؟ قال : عشرون. قلت : سبحان الله! يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع اربعا فيكون عليه عشرون! إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ونقول : الذي جاء به شيطان ، فقال : «مهلا يا ابان ، هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّ المرأة تعاقل الرجل الى ثلث الدّية ، فاذا بلغت الثلث رجعت الى النصف ، يا ابان انك اخذتني بالقياس ، والسّنّة إذا قيست محق الدين» وسائل ١٩ ، باب ٤٤ من ابواب ديات الاعضاء ح ١ ص ٢٦٨.