ثانيا : ان العلم الاجمالي المذكور في المقدّمة الاولى منحلّ بالعلم الاجمالي في دائرة الروايات الواصلة الينا عن طريق الثقات كما تقدّم ، والاحتياط التام في حدود هذا العلم الاجمالي ليس فيه عسر ومشقّة.
وثالثا : انا اذا سلّمنا عدم وجوب الاحتياط التام ـ لانه يؤدّي الى العسر والحرج ـ فهذا انما يقتضي رفع اليد عن المرتبة العليا من الاحتياط (١) بالقدر الذي يندفع به العسر والحرج ، مع الالتزام بوجوب سائر مراتبه (٢) ، لان الضرورات تقدّر بقدرها ، فيكون الاخذ بالمظنونات حينئذ باعتباره مرتبة من مراتب الاحتياط الواجبة (٣) ، واين هذا من حجية الظن (٤). اللهم الا ان يدّعى قيام الاجماع على ان الشارع لا يرضى بابتناء التعامل مع الشريعة على اساس الاحتياط فاذا ضمّت هذه الدعوى (٥) امكن
__________________
(١) وهو الاحتياط في كل شيء.
(٢) اي مع الالتزام بوجوب سائر مراتب الاحتياط التي لا تؤدّي الى العسر والحرج ، كالالتزام مثلا بالتسبيحات ثلاثا بدل واحدة ، وجلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية ، والترتيب في الغسل بين الطرفين الايمن والايسر ونحو ذلك ممّا ليس فيه عسر وحرج.
(٣) اي فيكون الاخذ والعمل بالمظنونات فيما يؤدّي الى العسر والحرج نحو من انحاء الاحتياط لعدم امكان الاحتياط التام في جميع موارد الاحتمال فيعمل بالظن فانه اقرب الامور الى الاحتياط الغير عسير.
(٤) بمعنى ان هذا لا يعني حجيّة الظن وانما يعني وجوب الاحتياط في دائرة المظنونات ، ولذلك لو كنّا نظن بالترخيص لا ينبغي العمل بهذا الظن لانه على خلاف الاحتياط.
(٥) مع دعوى وجوب العمل بالظن سواء كان الظن متعلقا بحكم الزامي أو بحكم ترخيصي.