شخص الميزان وصغره ، ولو نظر إلى مبلغ الحاجة إليه لاستعظم من أمره ما استصغر ، مع ما في النفوس من الظلم ما يبعد من العدل في التعامل لو لا الميزان.
ألا ترى إلى قوله تعالى : (أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ)(١).
إذ كان الكتاب يتضمن حفظ العدل ، والميزان يظهر العدل ، فقرن آلة العمل إلى آلة العلم.
ومن اعتبر حال الميزان بحجمه دون منافعه كان كمن اعتبر القلم بشخصه إذ رآه قطعة قصب ، وقد عظّمه الله في قوله : (ن وَالْقَلَمِ)(٢). وقوله : (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)(٣).
ـ وأيضا فإنّ للميزان مشاركة مع معرفة السماء في خاصية ، فإنّ أدوار السيارات يعرف بنسبة أبعادها من الثوابت كما في كتب الهيئة.
والميزان الذي يقال له : القرسطون ، وهو القبّان سوّي على النسبة أيضا ، فإنّ أحد رأسي عمود القرسطون طويل بعيد من المعلاق ، والآخر قصير قريب ، فإذا علق على رأسه الطويل ثقل قليل ، وعلى رأسه القصير ثقل كثير تساويا أبدا ، متى كانت نسبة الثقل القليل إلى الثقل الكثير كنسبة بعد رأس القصير إلى بعد رأس الطويل من المعلاق.
(وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ). (١١)
أي : الطلع المتكمّم قبل أن ينفتق بالتمر ، وخصّه بالذكر للانتفاع به وحده.
(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ). (١٢)
هنا الحبّ : المأكول ، والعصف ورقه الذي ينقّى عنه ويذرى في الريح ، كالتبن.
__________________
(١) سورة الشورى : آية ٧.
(٢) سورة القلم : آية ١.
(٣) سورة العلق : آية ٤.