لقد أوقفك البحث المتقدم على أن جماعات من علماء أهل السنة رووا حديث الغدير حاكمين بصحته وتواتره ، مصرّحين بطرقه الجمة وأسانيده الكثيرة ، حتى أن جماعة من كبار حفاظهم أفردوا كتبا لجمع ألفاظه وطرقه المعتبرة.
ولكن العصبية المقيتة والانحياز عن أمير المؤمنين عليهالسلام وحبّ الخلاف وإنكار الضروريات ... كل ذلك حدى بالفخر الرازي إلى دعوى عدم صحة الحديث وإنكار تواتره ، معلّلا ذلك بأمور تافهة وأخرى كاذبة ... وهذا نص كلامه حول هذا الحديث الشريف في ( نهاية العقول ) :
« لا نسلّم صحة الحديث ، أما دعواهم العلم الضروري بصحته فهي مكابرة ، لأنا نعلم أنه ليس العلم بصحته كالعلم بوجود محمّد عليهالسلام وغزواته مع الكفّار وفتح مكة وغير ذلك من المتواترات ، بل العلم بصحة الأحاديث الواردة في فضائل الصّحابة أقوى من العلم بصحّة هذا الحديث ، مع أنّهم يقدحون بها ، وإذا كان كذلك فكيف يمكنهم القطع بصحة هذا الحديث؟
وأيضا : فلأن كثيرا من أصحاب الحديث لم ينقلوا هذا الحديث ، كالبخاري ومسلم والواقدي وابن إسحاق ، بل الجاحظ وابن أبي داود السجستاني وأبو حاتم الرازي وغيرهم من أئمة الحديث قدحوا فيه.