فلمّا صلى أبو بكر الظهر رقي على المنبر فتشهّد وذكر شأن علي وتخلّفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر وتشهّد علي فعظّم حق أبي بكر ، وحدّث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضّله الله به ، ولكنا [ كنا ] نرى لنا في هذا الأمر نصيبا فاستبدّ علينا فوجدنا في أنفسنا.
فسرّ بذلك المسلمون وقالوا : أصبت. وكان المسلمون إلى عليّ قريبا حين راجع الأمر بالمعروف » (١).
وفي مسلم : « حدّثني محمد بن رافع ، قال : نا حجين ، قال ليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ... » الحديث (٢).
فظهر أن رواية الزهري موصولة ، وأن دعوى القطع وعدم الاسناد فيها كذب صريح.
وكذا نسبة هذه الرواية إلى أبي سعيد ، فإنّه قد روى الشيخان الخبر عن عائشة لا عن أبي سعيد ...
ومن العجيب في المقام أن المولوي حيدر علي يعزو نسبة هذا الحديث إلى أبي سعيد ، إلى كتاب ( إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ) والحال أنّه لا أثر لذلك في الكتاب المذكور ، وهذا نصّ كلام القسطلاني فيه :
« وقد صحح ابن حبان وغيره من حديث أبي سعيد الخدري ـ رضياللهعنه ـ : إن عليا بايع أبا بكر في أول الأمر ، وأمّا ما في مسلم عن الزهري أنّ رجلا قال له : لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة ـ رضياللهعنه ـ قال : ولا أحد من بني هاشم ، فقد ضعّفه البيهقي بأنّ الزهري لم يسنده وأنّ الرواية الموصولة عن أبي سعيد أصح » (٣).
هذا نص ما جاء في هذا الكتاب ، فأين هذا من ذاك؟
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٢) صحيح مسلم ٥ / ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٣) إرشاد الساري لصحيح البخاري ٦ / ٣٦٣.