والظاهر أن المولوي الفيض آبادي وجد هذه النسبة في كلام ابن حجر المكي ، فحسبها مطابقة للواقع ونقلها ـ من دون مراجعة كتاب مسلم وكلمات المحدثين ـ مع غزوها إلى القسطلاني ، وهذا نص كلام ابن حجر المكي بعد نقل الحديث :
« ثمّ هذا الحديث فيه التصريح بتأخير بيعة علي إلى موت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ ، فينافي ما تقدم عن أبي سعيد أنّ عليّا والزبير بايعا من أول الأمر ، ولكن هذا الذي مرّ عن أبي سعيد هو الذي صححه ابن حبان وغيره.
وقال البيهقي : وأما ما وقع في صحيح مسلم عن أبي سعيد من تأخر بيعته هو وغيره من بني هاشم إلى موت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فضعيف ، فإنّ الزهري لم يسنده. وأيضا : فالرواية الأولى عن أبي سعيد هي الموصولة فتكون أصح. انتهى.
وعليه فبينه وبين خبر البخاري المار عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ تناف » (١). فعلم أنّ ابن حجر احتج برواية عائشة الواردة مسندة في كتابي البخاري ومسلم ، لاثبات فضيلة لأبي بكر ، ثمّ ناقض نفسه بترجيح رواية أبي سعيد الخدري عليها ، متمسكا بتصحيح ابن حبّان لها وناقلا كلام البيهقي في تضعيف رواية مسلم ، ولكن نسبة رواية مسلم إلى أبي سعيد الخدري خطأ فضيع ، إمّا من البيهقي وإمّا من ابن حجر المكي نفسه.
وعلى كلّ حال فإن تضعيف البيهقي لا مساس له بأصل الحديث ، بل إنّه متوجه إلى الفقرة التي جاءت مصرّحة بتخلّف جميع بني هاشم عن البيعة مع الإمام عليهالسلام ، وقد انفرد مسلم بروايتها كما يظهر من كتاب ( جامع الأصول ).
فهو إذا لا مساس له بأصل الحديث الوارد مسندا عن عائشة في الكتابين ، فإرجاعه اليه كما في كلام صاحب ( المنتهى ) باطل.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٩٠.