وبما ذكرنا يتّضح أنّه متى كان الحديث مؤيّدا للامامية ، وجّهوا إليه أنواع القدح ، وتكلّفوا في ردّه حتى مع كونه من أحاديث الكتابين.
ولقد اضطرب المولوي حيدر علي ، تجاه الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب المغازي ، والذي تضمّن قصّة فدك وهجر الزهراء عليهاالسلام أبا بكر ، وامتناع أمير المؤمنين عليهالسلام عن البيعة مدة ستة أشهر ، فجاء يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى حيران لا يدري ما يصنع ... لكنه بالتالي لم يجد بدّا من إبطاله ، فبالغ في ذلك ، وكدّ كيده في ردّ هذا الحديث الصحيح ، ونفي تلك الحقيقة الراهنة ، فجعل يقول :
« وأنت إذا أحطت خبرا بما مر وما سيأتي من أقوال المخالفين ... علمت أن جميع تلك الإشكالات إنما تتوجه على تقدير صحة الحديث ، لكن المستفاد من كتب المحدثين ـ بعد التمحيص والتحقيق ـ وقوع الشك في صحة أحاديث للبخاري ومسلم ، إلاّ أن تلك الأحاديث قليلة جدا ، وهي في الكتاب الثاني أكثر منه في الأول.
وعلاوة على هذا ، فإن لابن الأثير ـ رحمهالله ـ كلاما في جامع الأصول ، في الفرع الثالث المختص بطبقات المجروحين ، يدل على إقرار بعض الوضاعين بوضع حديث فدك ، وهذا نص كلامه :
« ومنهم قوم وضعوا الحديث لهوى يدعون الناس إليه ، فمنهم من تاب عنه وأقرّ على نفسه ، قال شيخ من شيوخ الخوارج ـ بعد أن تاب ـ : إنّ هذه الأحاديث دين ، فانظروا ممن تأخذون دينكم ، فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيّرناه حديثا. وقال أبو العينا : وضعت أنا والجاحظ حديث فدك ، وأدخلناه على الشيوخ ببغداد ، فقبلوه إلاّ ابن شيبة العلوي ، فانه قال : لا يشبه آخر هذا الحديث أوّله ، وابى أن يقبله إلى آخره بلفظه.