ودخل عليها فثنت فراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ حتى لا يجلس عليه ، ولا خلاف أن أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكة سنة ثمان.
وأيضا في هذا الحديث أنه قال له : وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين ، فقال : نعم ، ولا يعرف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ أمّر أبا سفيان البتّة ، وقد أكثر الناس الكلام في هذا الحديث وتعددت طرقهم في وجهه ، فمنهم من قال : الصحيح أنه تزوّجها بعد الفتح لهذا الحديث. قال : ولا يرد هذا بنقل المؤرخين ، وهذه الطريقة باطلة عند من له أدنى علم بالسيرة وتواريخ ما قد كان. وقالت طائفة ... » (١).
وحاصل هذا الكلام ، هو عدم جواز ردّ الإجماع القائم من جميع المؤرّخين على وقوع وفاة أم رومان في حياة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وإنّ مسروقا لم يدركها بحديث واحد رواه البخاري في كتابه ..
وعلى هذا فهو من المخطّئين لحديث البخاري تبعا للحافظ أبي بكر الخطيب وجماعته ، فلا يصح قول ابن حجر : « وخالفهم صاحب الهدى ».
أقول : وبهذا الذي ذكرنا عن ابن القيم يرد على جواب ابن حجر عمّا ذكر الخطيب وأتباعه ، ورده كلام الواقدي المتضمّن وفاة أم رومان على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ دفاعا عن البخاري وكتابه.
هذا ، وقد قلنا فيما سبق : إن الذي نريد إثباته في هذه البحوث ، هو قدح كبار الأئمّة والحفّاظ في طائفة من مرويات البخاري في كتابه ...
على أنا نقول : كما أن ابن حجر يكذّب الواقدي صاحب السيرة والتاريخ في مسألة وفاة أم رومان ، ولا يجعل روايته قادحة في حديث البخاري المذكور فإنّنا نضعّف إعراض الواقدي عن رواية حديث الغدير ، ونقول بأنه غير قادح في صحته ـ بالإضافة إلى الوجوه الأخرى الآتية ـ. فلا وجه لتمسك الفخر الرازي بذلك.
__________________
(١) زاد المعاد في هدي خير العباد ١ / ٢٧.