« ومنها ـ أنه كان يؤثر أهل بيته بالأموال العظيمة التي هي عنده للمسلمين ، دفع إلى أربعة أنفس من قريش وزوّجهم ببناته أربعة آلاف دينار ، وأعطى مروان ألف دينار.
وأجاب قاضي القضاة : بأنه ربّما كان من ماله.
واعترضه المرتضى : بأن المنقول خلاف ذلك ، فقد روى الواقدي أن عثمان قال : إن أبا بكر وعمر كانا يناولان من هذا المال ذوي أرحامهما ، وإني ناولت منه صلة رحمي ، وروى الواقدي أيضا أنه بعث إليه أبو موسى الأشعري بمال عظيم من البصرة ، فقسّمه عثمان بين ولده وأهله بالصحاف. وروى الواقدي أيضا ، قال : قدمت إبل من إبل الصدقة إلى عثمان ، فوهبها للحارث بن الحكم بن أبي العاص ، وولّى الحكم بن أبي العاص صدقات قضاعة ، فبلغت ثلاثمائة ألف فوهبها له ، وأنكر الناس على عثمان إعطائه سعيد بن العاص مائة ألف درهم » (١).
وقد أجاب الفضل عن ذلك بأن هذه الأموال ربما كانت من أمواله الخاصة وبأن الأصل أن تحمل أعمال الخلفاء على الصواب ...
والحاصل : إن كان الواقدي رافضيا متعصّبا ـ كما يقول ابن روزبهان والبعض ـ سقط تشبث الفخر الرازي بتركه رواية حديث الغدير ، وإن كان عدلا ثقة صدوقا فيما يرويه ، فلتقبل رواياته الجمّة تلك التي يتمسك بها الامامية في مباحث مطاعن الخلفاء ، وغيرها من المسائل الكلامية والتأريخية التي يرويها ، وتسقط أجوبة قاضي القضاة وابن روزبهان وغيرهما من متكلّمي أهل السنة والجماعة.
وأما قبول روايته ، أو الاعتماد على تركه رواية حديث ، عند ما ينفعهم ذلك ، وردّ روايته في كلّ مورد يثبت بها بطلان مذهبهم ، فممّا لا يحسن بهم ...
__________________
(١) نهج الحق وكشف الصدق : ٢٩٢.