إن الفخر الرازي نفسه لم يعبأ بروايات الواقدي ، وأسقطها من الحساب وكأنها لم تكن ، فقال في مبحث مطاعن عثمان بن عفان من كتابه ( نهاية العقول ) :
« قوله : ثانيا ـ إنه رد الحكم بن أبي العاص وقد سيّره رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ.
قلنا : إنّه ـ رضياللهعنه ـ أجاب عن ذلك بنفسه فيما رواه سيف بن عمر في كتاب الفتوح : إنّي رددت الحكم وقد سيّره رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من مكة إلى الطائف ، ثمّ ردّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، فرسول الله سيّره ورسول الله يردّه ، أفكذلك؟
قالوا : اللهم نعم.
وقيل : إنه روى عثمان ـ رضياللهعنه ـ في زمن أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه أذن في ردّه ، فقالا له : إنّك شاهد واحد ، لأنّ ذلك لم يكن شهادة على شرع حتى تكفى رواية الواحد ، بل كان حكما في غيره ، فلا بدّ من الشاهدين ، فلما صار الأمر اليه حكم بعلمه.
قوله : ثالثا ـ إنّه كان يعطي العطايا الجزيلة لأقاربه.
قلنا : لعلّه كان يعطيها من صلب ماله ، لأنّه كان ذا ثروة عظيمة ».
أقول : فالعجب من الرازي ، إنه حين يريد تضعيف حديث الغدير يقول : لم يخرجه الواقدي ، مع أنّ عدم الإخراج لا يفيد الردّ.
وحين يجيب عن مطاعن عثمان ، لم ينظر بعين الاعتبار إلى روايات الواقدي المؤكّدة لتلك المطاعن.
وعلى هذا أيضا : فإنّ لنا أن نقول : إنّ سكوت الواقدي عن رواية حديث الغدير غير قادح في تواتره وصحته.