وثبوته ... نعم إن ذلك يقدح في الأحاديث التي اشتملت على حضوره عنده ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأخذه بيده ، وقد صرح بهذا المعنى الشريف الجرجاني في ( شرح المواقف ) (١).
وجاء بعضهم وأراد التشكيك في صحة هذا الحديث بنحو آخر ، ذكره العلامة الأمير وقد أجاد في ردّه ، حيث قال :
« تنبيه ـ اعترض بعض من قصر نظره عن بلوغ مرتبة التحقيق في حديث الغدير الذي رواه زيد بن أرقم ـ رضياللهعنه ـ مشكّكا ذلك المعترض بقوله : إن في الرواية أنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خطب بالجحفة يوم ثامن عشر في شهر ذي الحجة ، وأنه لا يمكن بلوغ الجحفة لمن خرج بعد الحج من مكة في ذلك اليوم ، وجعله قادحا في الحديث.
وأقول : هذا تشكيك بلا دليل وخبط جبان خال عن عدة الأدلة ذليل. فقد ثبت أنه عليهالسلام خرج من مكة يوم الخميس خامس عشر ذي الحجة ، راجعا إلى المدينة ، وثبت أن الجحفة على اثنين وثمانين ميلا من مكة كما صرح به مجد الدين في القاموس رحمهالله. وثبت أن المرحلة العربية أربعة برد كمن جدة إلى مكة ، كما أخرجه البخاري تعليقا من حديث ابن عباس وابن عمر أنّهما كانا يقصّران من مكة إلى العرفات ، وثبت تقدير الأربعة البرد بالمرحلة بما رواه الشافعي بسند صحيح : أنه قيل لابن عباس أتقصر من مكة إلى العرفات؟ قال : لا ، ولكن إلى عرفات وإلى جدة وإلى الطائف ، وكل جهة من هذه مرحلة إلى مكة. فإذا كانت المرحلة أربعة برد ، والبريد اثني عشر ميلا ، يكون المرحلة ثمانية وأربعين ميلا.
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ٣٦٠.