في زمان المرتضى ، وأن بعض الناس سينكرون إمامته.
ومن الطّريف أن بعض علمائهم تمسّك لإثبات أن المراد من ( المولى ) هو ( الأولى بالتصرف ) ، باللفظ الواقع في صدر الحديث ، وهو قوله : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فيعود الاشكال بأنّهم متى سمعوا لفظ ( الأولى ) حملوه على ( الأولى بالتصرف ) ، فما الدليل على هذا الحمل في هذا المورد؟ بل المراد هنا أيضا هو : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم في المحبة ، بل إنّ ( الأولى ) هاهنا مشتق من ( الولاية ) بمعنى ( المحبة ) ، يعني : ألست أحب إلى المؤمنين من أنفسهم ، حتى يحصل التلائم بين أجزاء الكلام والتناسق بين جمله ، ويكون حاصل معنى هذه الخطبة : يا أيّها المسلمون عليكم أن تجعلوني أحب إلى أنفسكم من أنفسكم ، وأن من يحبّني يحب عليّا ، أللهمّ أحب من أحبّه ، وأبغض من أبغضه ، وكل عاقل يصدّق بصحة هذا الكلام وحسن انتظامه.
وإن قول النبي : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم » مأخوذ من الآية القرآنية ، ومن هنا جعل هذا المعنى من المسلّمات لدى أهل الإسلام ، وفرّع عليه الحكم اللاحق له.
ولقد وقع هذا اللفظ في القرآن في موقع لا يصح أن يكون معناه ( الأولى بالتصرف ) أصلا ، وهو قوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) ، فإن سوق هذا الكلام هو لنفي نسبة المتبنى إلى المتبني ، ولبيان النهي عن أن يقال لزيد بن حارثة : زيد بن محمد ، لأنّ نسبة النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ إلى جميع المسلمين نسبة الأب الشفيق إلى أبنائه ، بل فوق ذلك ، ونساء النبي أمهات أهل الإسلام ، وأهل القرابة أحق وأولى في الانتساب من غيرهم ، وإن كانت شفقتهم وتعظيمهم أكثر ، فمدار الانتساب هي القرابة المفقودة بين المتبني والمتبنى ، لا على الشفقة والتعظيم ، وهذا هو كتاب الله أي حكمه ، ولا دخل للأولى بالتصرف في المقصود في هذا المقام ، فكذلك الأمر في الحديث ، والمراد في الآية هو المراد فيه.