(لاستنباط حكم شرعي فرعي جزئي) يشير إلى :
الفروق بين القاعدة الفقهية والأصولية
والحقيقة أنّ الفروق التي ذكرت على ألسنة الفقهاء والأصوليين كثيرة ؛ لعلّ أهمّها ممّا يتّصل بتعريفنا فرقان :
أوّلا : إنّ إنتاج القاعدة الفقهية هو الحكم الجزئي أو الوظيفة الجزئية ؛ بخلاف القاعدة الأصولية ؛ فإنّ إنتاجها دائما هو حكم كلّي أو وظيفة كذلك. (١)
وقد أورد على هذا الفارق بأنّه لا يصلح أن يكون فارقا ؛ لأنّ ما اعتبر من القواعد الأصولية نراه تارة ينتج الحكم الكلّي وأخرى الحكم الجزئي (٢) ، فمن تيقّن الحكم الكلّي ثمّ شكّ بارتفاعه ؛ استصحب ذلك الحكم استنادا إلى مدلول هذه القاعدة (لا تنقض اليقين بالشكّ) ، وكانت نتيجة هذا الاستصحاب هو بقاء الحكم الكلّي ، ومن تيقّن طهارته وشكّ في ارتفاعها ؛ استصحب الطّهارة وهي حكم جزئي.
وكذلك ما اعتبر أنّه قاعدة فقهية كقاعدة الطّهارة وهي : (كلّ مشكوك طاهر) ؛ نراها تنتج مرّة حكما كليّا ، وذلك إذا كان المشكوك هو الحكم الكلّي ، وأخرى حكما جزئيا ، وذلك إذا كان المشكوك هو طهارة ثوبه مثلا. وقد أجبنا في كتابنا (الأصول العامّة للفقه المقارن) ونحن نتحدّث عن هذه الشبهة بأنّه : «ليس هناك ما يمنع من اشتراك الموضوع الواحد بين علمين وأكثر إذا تعدّدت فيه الحيثيّات بتعدّد العلوم.
فالاستصحاب من حيث إنتاجه للحكم الكلّي يكون موضوع مسألة أصولية ، ومن حيث إنتاجه للحكم الجزئي يكون موضوع مسألة فقهية ، وتعدّد الحيثيّة يعدّد
__________________
١ ـ انظر : المصدر السابق ١ : ١٩.
٢ ـ ممّا اضطر البعض إلى التفصيل في داخل المسألة الواحدة ؛ فذهبوا إلى أنّ الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية هو مسألة أصولية ، والاستصحاب الجاري في الشبهات الموضوعية هو مسألة فقهية.
انظر : فوائد الأصول ٤ : ٣١١ ـ ٣١٢ ، ومصباح الأصول ٣ : ٦ ـ ٨ ، ومنتهى الأصول ٢ : ٤٩٧.