الموضوع حتما ، وكذلك القول في أصل الطهارة». (١)
ونظيره ما قيل في الكلمة التي وقعت موضوعا لكلّ العلوم اللّسانية ، فهي من حيث الإعراب والبناء موضوع لعلم النحو ، ومن حيث الإعلال والإدغام موضوع لعلم الصرف ، وهكذا. (٢)
ثانيا : إنّ القاعدة الفقهية ـ بعد استنباطها من الأصول ـ يستطيع أن يجري قياسها كلّ مكلف حتى إذا كان غير مجتهد ؛ ليطبّقها على نفسه تمهيدا للعمل على وفقها ، بخلاف القاعدة الأصولية فإنّ الذي يختصّ بإجراء قياسها هو المجتهد دون غيره ؛ لأنّ كيفيات استنباط الأحكام الكليّة من أدلّتها لا يستطيع إدراكها غير المختصّين من ذوي الاجتهاد ، ونتائجها توصل إلى العلم بالأحكام ، وهي سابقة في الرتبة على القياس الذي يجري في مقام العمل ليوصل إلى أحكام جزئية. (٣)
وقد يورد على هذا الفارق بأنّ قسما من القواعد الفقهية ممّا يتعسّر فهمها على غير المختصّين فكيف يوكل إليهم إجراء قياسها؟ أمثال : قاعدة (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) ، و (الخراج بالضمان) ، و (لا ضرر ولا ضرار). (٤)
ولكنّ هذا الإيراد لا يبدو له وجه ؛ لأنّ المقياس الذي ذكرناه ليس هو فهم غير المجتهد وعدم فهمه ، وإنّما المقياس هو أنّ القاعدة الفقهية كالمسألة الفقهية ممّا تتّصل بعمله مباشرة فهو الذي يحتاج إلى إجراء قياسها ، بخلاف القاعدة الأصولية والفهم وعدم الفهم ليس هو المقياس ، وحسابها حساب المسائل الفقهية ، وأكثرها لا يفهمها غير المختصّين إلّا بعد إيضاحها لهم.
فالقاعدة الفقهية متى فهمها العامّي استطاع تطبيقها على نفسه في مجالات عمله
__________________
١ ـ الأصول العامة للفقه المقارن : ٤٠.
٢ ـ انظر : فوائد الأصول ١ : ٢٣.
٣ ـ انظر : فرائد الأصول ٣ : ١٨ ـ ١٩.
٤ ـ مصباح الأصول ١ ق ١ : ١٨ ـ ١٩.