استعملت فيها هذه الصيغة ، أمثال هاجم ، ودافع ، وخادع ، ونظائرها ، ومن هنا كانت متعدّية بخلاف هيئة (تفاعل) التي تدلّ على اشتراك الطرفين فهي لازمة ، تقول مثلا : شارك زيد عمرا ، وتشارك زيد وعمرو ، فلو كان الاشتراك واقعا من الطرفين في (شارك) لما صحّ أن يكون أحدهما فاعلا والآخر مفعولا ، ولكان حسابها حساب «تشارك زيد وعمرو» في صدور الحدث منهما.
ولو رجعنا إلى إحساسنا اللّغوي لوجدنا ـ في موضوع حديثنا ـ الفارق الكبير بين قولنا : «ضارّ زيد عمرا» و «تضارّ زيد وعمرو».
وجوّ الحديث الّذي صدرت فيه هذه الكلمة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في قصّة سمرة والأنصاري يعيّن هذا المعنى ، فالإضرار إنّما كان من سمرة ؛ ولذا قال له النبي صلىاللهعليهوآله : «إنّك رجل مضارّ» ، ولم يقل ذلك للأنصاري ، فلو كان هناك تبادل ضرر بينهما لوجّه اللّوم لهما ، لا لواحد منهما فقط ، وعنصر التعنّت واضح في جوّ القصّة من قبل المضارّ.
فدعوى أنّ المضارّة غير الضرر ، وأنّ المراد بها إلقاء الضرر على الآخرين تعنّتا غير بعيدة ، وبخاصّة في هذا الحديث ونظائره ممّا أثر في هذا المجال.
ثالثا : لا
والمراد من كلمة (لا) في هذه القاعدة كان أيضا موضعا لاختلاف الفقهاء ، وخلافهم ينتظم في قولين رئيسين :
(١) أنّها ناهية (١) ، فيكون معناها : أنّ الشارع حرّم الضرر والضرار ، نظير ما ورد من نهي الشارع المقدّس عن الرفث والفسوق والجدال في الحجّ في قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(٢).
__________________
١ ـ انظر : منتهى الدراية ٦ : ٦١١.
٢ ـ البقرة : ١٩٧.