(٢) أنّها نافية ، والقائلون بالنفي مختلفون ، وأهمّ أقوالهم قولان :
أ ـ أنّها وردت للنفي (١) ، والمراد به تجوّزا النهي ، ويكون ذلك من قبيل استعمال الجملة الخبرية في الإنشائية ، فيكون مفاد الحديث هو التحريم.
والفارق بين هذا القول والقول السابق ـ مع اتّحادهما معنى ـ أنّ التحريم في القول الأوّل مستفاد من نفس لا الناهية ، فهي مستعملة في مدلولها حقيقة ، وعلى هذا القول أنّه مستفاد من استعمال الجملة الخبريّة في الإنشائيّة تجوّزا.
ب ـ أنّها نافية حقيقة (٢) ، والجملة فيها خبرية ، يراد بها الإخبار ، لا الإنشاء ، إلّا أنّ إخبار الشارع ـ بما هو شارع ـ إنّما يكون عمّا يقع تحت سلطانه ، وما يقع تحت سلطانه إنّما هو تشريعاته الخاصّة ؛ فكأنّه أخبر هنا عن تشريعاته أنّه ليس فيها تشريع ضرريّ.
والتشريع كما يتناول الأحكام على اختلافها من تكليفية ووضعيّة ، يتناول الموضوعات بما أنّها موضوعات لأحكامه ؛ لأنّ اعتبار الموضوع موضوعا لحكمه إنّما هو من وظيفته ، وخاضع لتشريعه وجعله.
مناقشة ورأي
والأقرب من هذه المعاني ظاهرا هو الأخير ؛ لأنّ اعتبار (لا) ناهية في هذه الجملة ممّا تأباه القواعد النحوية ؛ لبداهة أنّ (لا) الناهية لا تدخل على الأسماء ، وإنّما هي من مختصّات الفعل المضارع. (٣)
__________________
١ ـ ذهب إلى هذا القول كلّ من : شيخ الشريعة الأصفهاني في قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» : ٣٧ ـ ٤٠ ، ومير فتاح المراغي في العناوين ١ : ٣١١ ، والبدخشي في مناهج العقول ٣ : ١٧٢ ، والنجفي في جواهر الكلام ٣٧ : ١٥ ، والنراقي في عوائد الأيام : ٥١.
٢ ـ ذهب إلى هذا القول كلّ من : الأنصاري في فرائد الأصول ٢ : ٤٦٠ ، والنائيني في منية الطالب ٣ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.
٣ ـ تاج العروس ١٠ : ٤٤١.