الفساد ، بعد أن تمرّد من قبول الحكم الشرعي ، أي وجوب الاستئذان. (١)
والظاهر أنّ المجيب يقصد في جوابه هذا : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لما كانت له سلطتان إحداهما تشريعية ، وهي التي يعملها في تبليغ الأحكام ، والأخرى تنفيذية ، وهي التي استحقّها بحكم ولايته العامّة المجعولة له ، فقد أعمل هنا كلتا السلطتين ، فهو في ذكره للقاعدة مبلّغ ، وهو في أمره بالقلع مؤدّب ، وإحداهما لا ترتبط بالأخرى.
وإذا فليس الأمر هنا «من باب تخصيص المورد كي يكون مستهجنا ، ويكون موجبا لسقوط حجية العامّ وإجماله». (٢)
ولكنّ هذا الجواب ـ إن صح ما استظهرناه منه ـ غير واضح أيضا ؛ وذلك لأنّا ، وإن سلّمنا أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يملك السلطتين ، وحاولنا أن نسلّم أنّه أعملهما معا في هذه الواقعة ، إلّا أنّا لا نسلّم عدم الارتباط بينهما ؛ لظهور التعليل الوارد بقوله : «فإنّه لا ضرر» في أنّه بمنزلة البيان لحيثيات الحكم بالقلع ، أو قل : إنّه ظاهر في تطبيق القاعدة على المورد ، وإلّا فما معنى هذا التعليل أو التفريع بالفاء على الأمر بالقلع في لسان الحديث؟!
ثالثها : ما أجاب به الشيخ محمد حسين النائيني ـ فيما حكي عنه ـ : من أنّ ضرر الأنصاري ولو كان مستندا إلى جواز الدخول بغير إذنه ، وهو الجزء الأخير لعلّة الضرر ، ولكنّ جواز الدخول من غير استئذان بالآخرة ينتهي إلى حقّه لإبقاء عذقه في ذلك البستان ، فذلك الحقّ هو حكم شرعي وضعيّ نشأ من قبله الضرر ، فيكون الضرر عنوانا ثانويا لذلك الحقّ ، فيرتفع بارتفاع الضرر بالمطابقة أو بالالتزام ، فلا يرد إشكال حتّى بناء على تطبيقه على مسألة العذق. (٣)
__________________
١ ـ القواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢٢٦.
٢ ـ المصدر السابق.
٣ ـ القواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢٢٦ نقلا عن منية الطالب ٣ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، والنقل كان بالمعنى لا بالنصّ.