الدلالة ، إلّا أنّه يمكننا الرجوع إلى المرجّحات ، ومن المرجّحات في باب التعارض : الشهرة ، والشهرة هنا في جنب قاعدة (لا ضرر) ؛ لأنّ الفقهاء ـ على اختلاف مذاهبهم ـ يعملون بها ، ويقدّمونها على الأدلّة جميعا ، بينما لا نجد فيهم من يقدّم الأدلّة المعارضة لها عليها. (١)
وهذا الجواب في الواقع لا يصلح جوابا على الشبهة لو أمكن الرجوع في العامّين من وجه إلى المرجّحات ؛ لأنّ الشهرة ـ التي اعتبرت في لسان الأدلّة الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام «خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر» (٢) ـ هي الشهرة في الرواية ، لا الشهرة في الاستناد. (٣)
أي أنّ مقياس تقديم إحدى الروايتين على الأخرى هو كثرة رواتها ـ على نحو تكون الرواية مشهورة بين الرواة ـ لكثرة الناقلين لها عن المعصوم ، في قبال الرواية الشاذّة التي ينفرد بها راو أو راويان.
أمّا الشهرة في الفتوى فهي ليست منظورة للأدلّة في مجال الترجيح.
على أنّ أدلّة الأحكام الأوّليّة ليست أقلّ شهرة من أدلّة قاعدة (نفي الضرر) لتقدّم هذه القاعدة عليها. (٤)
الرأي المختار
والجواب الذي يدفع هذه الشبهة ـ فيما يبدو ـ هو أنّ دليل (لا ضرر) دليل حاكم على أدلّة الأحكام الأوّلية ؛ ولذلك قدّم عليها ، والدليل الحاكم لا تلحظ فيه النسبة بينه
__________________
١ ـ يمكن استفادة هذا الجواب من كلمات المحقّق السبزواري في كفاية الأحكام ٢ : ٥٥٦ كتاب إحياء الموات.
٢ ـ عوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ ح ٢٢٩.
٣ ـ راجع : دراسات في علم الأصول ٣ : ٥١٢.
٤ ـ قام السيد محمد جواد العاملي بتقديم قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» على أحاديث الإضرار ؛ لكون القاعدة هي المشهورة بين الأصحاب. مفتاح الكرامة ١٤ : ٥١٣ كتاب إحياء الموات.