للشهادة الثالثة ، فلا يمكن أن يتحقق الأذان بدونها ، وهذا هو رأي نزر قليل من علمائنا.
أمّا القائلون بجزئيتها الندبيّة ـ أي ما يتحقق به الكمال ـ وهم الأكثر بين فقهائنا ، فيرونها كالقنوت في الصلاة.
وهناك من يرى حرمة أو كراهة الاتيان بها حسب تفصيل قالوا به.
وإليك الآن الأقـوال المطروحة فيها ، ثمّ بيان ما نريد قوله بهذا الصدد ، والأقوال في المسألة ، هي :
١ ـ إنّ الشهادة الثالثة هي شرط الإيمان لا جزء الأذان ؛ لكونها مستحبّا نفسيا وعملاً راجحا بالأصالة ، وهو عمل حسن لا يختص بالأذان فحسب ، بل هو ما يجب الاعتقاد به قلبا ، فالمسلم يمكنه أن يأتي بالشهادة الثالثة على أمل الحصول على الثواب المرجوّ من إعلانها ، بقصد القربة ، لا بعنوان الجزئية الواجبة أو الاستحبابية ، بل إعلاما لما يعتقد به قلبا من الولاية لعلي وأبنائه المعصومين.
فإذا كان كذلك فليكن واضحا صريحا معلنا في الأذان ، وذلك للعمومات الكثيرة الواردة في القرآن الحكيم ، كقوله تعالى : ( أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلي الاْءَمْرِ مِنْكُمْ ) وقوله : ( فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) وقوله : ( مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْى ، فَلِلَّهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُربَى ) ، والاحاديث النبوية المتواترة في علي وما جاء عن المعصومين ، ومنها ما جاء في رواية القاسم بن معاو ية عن الصادق عليهالسلام ؛ « إذا قال أحدكم لا إله إلاّ اللّه ، محمد رسول اللّه ، فليقل : عليّ امير المؤمنين [ ولي اللّه ] » (١).
وهذا هو الرأي المشهور عند أصحابنا رضوان اللّه تعالى عليهم.
قال العلاّمة بحر العلوم :
__________________
(١) انظر الاحتجاج ٢ : ٢٣٠ ، وبحار الأنوار ٨١ : ١١٢ ، والاضافة الاخيرة من نسخة المجلسي للاحتجاج ، انظر بحار الانوار ٢٧ : ١ و ٢.