تحظ بعناية الباحثين والمحقّقين بالشكل المطلوب ، وهي لم تكن من المواضيع المُحْدَثة والوليدة في العصور اللاّحقة حسب ما صوّره بعض الكتّاب ، بل هي قديمة بقدم تاريخ التشيّع ، سارت معه جنبا إلى جنب ، فما قاله البعض من أنّها قد شرعت في عهد الشاه إسماعيل الصفوي المتوفى ٩٣٠ هـ وكذا قول الاخر أنّها بدعة محدثة هو جُرأةٌ على العلم وتجاوز على الحقائق التاريخية (١) ، خصوصا وأنّ نصوص هذه المسألة مذكورة وموجودة في كتب القدماء والمتأخّرين ، لكنّها متناثرة بين طـيات كتب الحديث ، والفقه ، والتاريخ ، تحتاج إلى بحث وتتبّع ومثابرة واسعة ، والسابرُ لكلمات الفقهاء ، وأخبار المؤرّخين ، وروايات المحدّثين ، يقف على هذا الكمّ الهائل الدال على هذه الشهادة ، إمّا تصر يحا ، أو تلميحا ، أو إيماءً أو إشارة.
وان ما حكاه الشيخ الطوسي بورود شواذ الأخبار فيها كافية لاثبات المحبوبية والمشروعية ، لان صحّة عملٍ ما ، لا يتوقف على فعلهم عليهمالسلام له ، بل يكفي تصريحهم بجوازه وصحته ، أو تقريرهم لفاعله.
ان دعوى كونها بدعة لترك المعصوم لها كلام غير واقعي وغير صحيح فكما ان الاثبات يحتاج إلى دليل فالنفي هو الاخر يحتاج إلى دليل ، فليأتِنا القائل بالحرمة على ان النبي أو الأئمة لم يفعلوها على نحو الجزم واليقين ، أو ليأتونا بدليل عن نهي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في القول بالشهادة الثالثة في حين ان الأمر عكس ذلك ، فهناك ادلة كثيرة صدرت عن النبي والأئمة من ولده على محبوبية الشهادة بالولاية في الأذان وفي غيره ، لكن ظروف التقية لم تسمح لهم بالاجهار بها مما جعلتها اخبارا
__________________
(١) انظر كلام الدكتور حسين المدرسي الطباطبائي في « تطور المباني الفكرية للتشيع في القرون الثلاثة الاول » صفحة ٧٣ ، والسيّد موسى الموسوي في « الشيعة والتصحيح » : ١٠٥ ، و « المتآمرون على المسلمين الشيعة » : ١٧٠ ، والسيّد حسن الامين في « مستدركات أعيان الشيعة » ٢ : ٦٤. بهذا الصدد وقارنه بما قلناه في الفصل الاول من هذه الدراسة.