وعن أبي جعفر الباقر ، قال : كان الأذان بـ « حي على خير العمل » على عهد رسول اللّه وبه أُمروا أيّام أبي بكر ، وصدرا من أيّام عمر ، ثمّ أمر عمر بقطعه وحذفه من الأذان والإقامة ، فقيل له في ذلك ، فقال : إذا سمع الناس أنّ الصلاة خير العمل تهاونوا بالجهاد وتخلّفوا عنه ، ورو ينا مثل ذلك عن جعفر بن محمد ، والعامّة تروي مثل هذا (١).
وروى الصدوق في « علل الشرائع » بسنده عن ابن أبي عمير أنّه سأل أبا الحسن الكاظم عن سبب ترك « حي على خير العمل » فذكر العلة الظاهرة والباطنة لهذا الامر ، فقال :
أمّا العلّة الظاهرة ، فلئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة.
وأمّا الباطنة فإنّ « خير العمل » الولاية ، فأراد [ عمر ] من أمرِهِ بترك « حي على خير العمل » من الأذان أن لا يقع حثٌّ عليها ودعاء إليها (٢).
__________________
(١) دعائم الإسلام ١ : ١٤٢ ، بحار الأنوار ٨١ : ١٥٦. وجاء في كتاب الإيضاح للقاضي نعمان المتوفّى ٣٦٣ ه ، والمطبوع في تراث الحديث الشيعي ١٠ : ١٠٨ ، قال : فقد ثبت أنه أذنّ بها على عهد رسول اللّه حتى توفّاه اللّه وأنّ عمر قطعه ، وقد يزيد اللّه في فرائض دينه بكتابه وعلى لسان نبيه ما شاء لا شريك له ، وأنا ذاكر ما جاءت به الرواية من الأذان بحي على خير العمل ...
(٢) علل الشرائع ٢ : ٣٦٨ / ٨٩ من نوادر علل الصلاة / ح ٤ ، وعنه في بحار الأنوار ٨١ : ١٤٠ / باب معنى الأذان / ح ٣٤ ، ولا يخفى عليك بأنّ الإمام الكاظم ليس بباطني بل أنّه أراد أن يوضح المعنيين الظاهري والخفي الذي حدا بعمر أن يحذفها ، إذ أنّ البعض كانوا يتوجّهون إلى ظواهر الأشياء ولا يتأمّلون في بطنها من معنى ، حيث يقولون بأن للّه يدا ، وبأ نّه جالس على عرشه لقوله تعالى ( يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) وقوله تعالى ( مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ) وقوله ( الرَّحْمَـنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ، ولا يتدبّرون في معناها وأنّها القوة والبأس والإحاطة. ولو أرادوا أخذ الأمور على ظواهرها فعليهم أن يقولوا بضلالة الأعمى في الآخرة لقوله تعالى ( وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الأَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) في حين لا يقول أحد من الأمّة بذلك ، ولأجل ذلك تهجّم كثير من العلماء على الظاهرية والباطنية في وقت واحد ، والإمام كان لا يريد إلاّ بيان المعنيين ـ الخفيّ والظاهر منه ـ كي لا يلتبس الأمر على الآخرين ،