والجسد (١).
نعم ، قد يمكن أن يقال للذي يرى الأُمور في المنام أنّها ( رؤيا ) لا إسراء ، وهذا ما كانت بنو أُميّة تريد التأكيد عليه في موضوع الإسراء ، والأذان المشرّع فيه ، إذ القول بأنّ الإسراء كان مناما ينسف إعجازه ، ومن ثمّ يتسنى لهم الطعن والتلاعب بالأذان المشرّع فيه ، لذلك كان أئمّة مدرسة أهل البيت يصرّون على أنّ الإسراء كان جسمانيا ، وأنّه معجز ربّانيّ فوق الفهم الإنساني ، وليس كما تقوله بنو أُميّة.
وقد اعترف بعض العامة بذلك ؛ فقال ابن كثير : ... فلو كان مناما لم يكن فيه كبير شيء ولم يكن مستعظَما ، ولَمَا بادرت قريش إلى تكذيبه ، ولما ارتدّت جماعة ممّن كان قد أسلم (٢).
وأجاب ابن عطية عن دعوى عائشة ومعاو ية ، بقوله : .. واعتُرِضَ قولُ عائشة بأنّها كانت صغيرة لم تشاهد ، ولا حدّثت عن النبي ، وأمّا معاو ية فكان كافرا في ذلك الوقت ، غير مشاهد للحال ، صغيرا ، ولم يحدّث عن النبي (٣).
بلى ، إنّهم بتشكيكهم هذا أرادوا أن يقولوا بأنّ الأذانَ لم يُشرّع في السماء بل شُرّع في المنام (٤) ، وأنَّ بعض الصحابة قد شُرّف بهذا المنام الوحياني الذي لم يُحْظَ به رسول اللّه ، إذ سمع النداءَ السماويَّ : عبدُاللّه بن زيد ، أو عمرُ ، أو معاذُ ، ولم يسمعه رسول اللّه ، فأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم بلالاً أن يأخذ الأذان من عبداللّه بن زيد!!
وجاءت روايات أُخرى تقول : إنّ رسول اللّه استشار بعض الصحابة في هذا
__________________
(١) انظر تفسير القرطبي ١٠ : ٢٠٩ ، والتفسير الكبير ٢٠ : ١٢١ ، واضواء البيان ٣ : ٣.
(٢) تفسير ابن كثير ٣ : ٢٤ ، سورة الاسراء : ١.
(٣) المحرر الوجيز ٣ : ٤٣٥ ، تفسير القرطبي ١٠ : ٢٠٩.
(٤) سنن أبي داود ١ : ١٣٤ / باب بدء الاذان / ح ٤٩٨ ، الجامع الصحيح للترمذي ١ : ٣٥٨ / باب ما جاء في الاذان / ح ١٨٩ ، الموطّأ ١ : ٦٧ / ح ١٤٧ ، مصنف عبدالرزاق ١ : ٤٥٥ / ح ١٧٧٤ ، كنز العمال ٧ : ٢٨٣ / ح ٢٠٩٥٢.