والاستنان بسنّة الخلفاء ، وقد أكّدت الصدّيقة فاطمة الزهراء على هذه الحقيقة في خطابٍ وجّهته إلى نساء المهاجرين والأنصار ، قالت فيه : « ويعرف التالون غب ما أسّس الأوّلون ... » (١).
اذن قضية الأذان لا تختلف عن القرآن ، فالخُلّص من الصحابة كانوا يفتحون بعض جمله ، لكونهم قد عرفوا معناها ، أو لدفع تهمة الغلوّ عنهم ، أو لرفع شأن ومنزلة الإمام علي عند المنكرين لها ، وهذا هو الذي دعا عمر للوقوف ضدّه ، ورفع الحيعلة الثالثة من الأذان.
والأفصح من ذلك ما جاء في كتاب الفضائل لابن شاذان بإسناده إلى المقداد بن الأسود الكندي ، قال : كنّا مع سيّدنا رسول اللّه وهو متعلّق بأستار الكعبة وهو يقول : اللَّهم أعضدني واشدد أَزْري ، واشرح صدري ، وارفع ذكري ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام وقال : اقرأ يا محمد.
قال : وما أقرأ؟
قال : اقرأ ( ألَمْ نَشْرَحَ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * ألَّذِيآ أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) مع علي بن أبي طالب صهرك.
فقرأها النبيّ وأثبتها عبداللّه بن مسعود في مصحفه ، فأسقطها عثمان ابن عفان حين وحّد المصاحف (٢).
فالمعية في قوله ( مع علي بن أبي طالب صهرك ) صريحة في لزوم رفع ذكر الوصي مع رفع ذكر النبي ، فتكون هذه الرواية وما كان على شاكلتها فيما يمكن أن يقال استنادا للعموم الآنف بمحبوبيّة ذكر عليّ بعد النبيّ بنحو مطلق ، وهو بالتالي من الأدلّة على اقتران ذكر علي بذكر النبيّ.
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٥٥ ، بلاغات النساء : ٢٠ ، أمالي الطوسي : ٣٧٦.
(٢) الفضائل لابن شاذان : ١٥١ ، وعنه في بحار الانوار ٣٦ : ١١٦ / ح ٦٣ / الباب ٣٩ ، وفيه « بعلي صهرك ».