التأكيد على محبوبية هذا الفعل عنده في الأذان ، والحث عليها والدعوة إليها ، أي انا نفهم من ذلك شرعيتها ومحبوبيتها عند الأئمّة ومنذ عهد عمر بن الخطاب ، أو قل منذ عهد رسول اللّه والصحابة ، لوجود معنى الحيعلة الثالثة معها اينما كانت وفي أي زمان.
وبهذا ، فقد عرفنا أن سيرة المتشرّعة كانت على القول بجزئية ( حيّ على خير العمل ) وأن بعض الصحابة والتابعين حتى عصر الإمام الكاظم المتوفى ١٨٣ هـ كانوا يفسرونها ، والإمام حبذ ذلك وتهجم على من رفعها ودعا إلى عدم الدعوة إليها.
ومن الطريف أني وحين نقلي لأقوال أهل البيت في بدء الأذان (١) لم أتِ بكلام للإمام الكاظم في ذلك مع إني ذكرت أقوال جميع الأئمّة إلى الإمام الرضا ، وأرى فيما أتيت به هنا هو ملئ لفراغ قد يشاهده الباحث في الكتاب الأول من هذه الدراسة ( حي على خير العمل ، الشرعية والشعارية ).
وبهذا فقد أتضّح لك أن للسياسة دورا في تحريف بعض الأحكام الشرعية واستبدالها بأخرى غيرها ، فلا يستبعد أن يكون بعض الرواة تركوا ما جاء في البيان السياقي للحيعلة الثالثة من قبل الأئمة تقية لأ نّها هي الاشد من ذكر الحيعلة الثالثة والتي تركها الراوي فيما رواه عن الإمام علي في تفسـير الفاظ الأذان حسبما رواه الصدوق في التوحيد ومعاني الاخبار (٢).
فالرواة فيما يحتمل بقوة حذفوا الحيعلة الثالثة والتي جاءت بيانا سياقيا من بعض الروايات مع شدّة حرصهم وتمسكهم بها لهذا السبب.
وقد جاء في بعض روايات أهل البيت أنّهم قالوا بـ ( الصلاة خير من النوم )
__________________
(١) والذي مر في كتابنا ( حي على خير العمل الشرعية والشعارية ).
(٢) التوحيد : ٢٣٨ / ح ١ ، باب تفسير حروف الأذان ، معاني الاخبار : ٤٠ / ح ١ ، باب معنى حروف الأذان.