امكان تعدّد الصيغ الدالّة على الشهادة بالولاية إلى أكثر من صيغة وأنّها مجازة شرعا إن لم يأت بها الإنسان على نحو الجزئية ، ولذلك ذكر الشيخ الصدوق ثلاث صيغ منها ، كدلالة على تكثّرها ، تلك الدلالة التي تعني أنّ مستند الإتيان بالشهادة الثالثة ليس الأخبار الموضوعة ، ولا أنّها جزء توقيفيّ فيها ، بل تعني المحبوبيّة العامّة لا غير.
وعلى أيّ حال ، فإن ما أشار إليه الصدوق رحمهالله من روايات الشهادة الثالثة يدلّ من ناحية أخرى على تناقلها في عصره ، وستقف لاحقا على أنّ بعض الشيعة في حلب وبغداد كانوا يؤذّنون بها في عصر الصدوق ومن قبله ، وهذا يوقفنا أيضا على أنّ مخالفته كانت مع الذين يضعون الأخبار ويزيدون فيها على نحو الجزئية لا غير ذلك ، وإلاّ فمن الصعب على العقل احتمال أن يتّهم الشيخ الصدوق بالتفويض كلَّ من قال بالشهادة الثالثة في الأذان حتّى من باب القربة المطلقة ، فعبارته كالنصّ في أنّه يقصد مَنْ وَضَعَ الأخبار ومن استند إليها على نحو الجزئية لا غير. لقوله « وضعوا اخبارا وزادوا في الأذان » وقوله « ولكن ذلك ليس من اصل الأذان ».
الخامسة : إنّ اختلاف الصيغ وتعدّدها لا معنى له سوى تأكيد أنّهم كانوا لا يأتون بها على أنّها جزء من الأذان ، بل قد تكون تفسيرية لجملة « حي على خير العمل » ، وقد تكون لمحبوبيّتها الذاتية ورجحانها النفسي وما ذكرناه من تنقيح المناط ووحدة الملاك في الشهادات الثلاث.
فإنَّ الإتيان بها تارة بعد الحيعلة الثالثة ، واُخرى بعد الشهادة بالنبوة لَيُؤَكِّد بأنّ القائلين بها لا يأتون بها على نحو الجزئية والشطرية حتى يكون القائلون بها مصداقا للتدليس وأنّهم ادخلوا ما ليس من الدين في الدين. إلاّ أن نقول أن الشيخ الصدوق عنى المفوضة القائلين بها على وجه الخصوص ، أو أنّ قوله السابق قد صدر عنه تقيّةً.