السادسة : إنّ الشـيخ الصدوق قد ذكر متن بعض تلك الروايات دون ذكر سندها ـ وهو ديدنه في كثير من الأبواب الفقهية ـ لكنّ الفقيه والمحدِّث قد يرى سند تلك الروايات في المجاميع الحديثية الاُخرى كالتهذيب والكافي وغيرهما. فلماذا لا نقف على اسناد تلك الروايات اذن؟
من المعلوم أنّ وثاقة الـراوي لا تكفي لحجـيّة الرواية ما لم تسلم من الشذوذ والعلّة ، ولأجل ذلك نرى الأئمّة يؤكّدون على شيعتهم لزوم عرض أقوالهم على الكتاب المجيد ، للأخذ بالصحيح وترك الزخرف منه.
لكنّ الصدوق رحمهالله وغيره من القميّين كانوا يعتمدون وثاقة الراوي أكثر من راجحية الرواية ، فقد نقل الشيخ الطوسي في ترجمة سعد بن عبداللّه الأشعري عن الصدوق قوله : وقد رويت عنه كلّ ما في المنتخبات مما أعرف طريقه من الرجال الثقات (١).
وقال في الفقيه : وأمّا خبر صلاة يوم غدير خمّ ، والثواب المذكور فيه لمن صامه ، فإنّ شيخنا محمد بن الحسن كان لا يصحّحه ... إلى أن قال : فهو عندنا متروك غير صحيح (٢).
وقد مرّ عليك اعتراض أبي العباس بن نوح على الصدوق وشيخه في استثنائهما محمد بن عيسى بن عبيد من نوادر الحكمة بقوله : « فلا أدري ما رابه فيه ، لأ نّه كان على ظاهر العدالة والثقة ». ويفهم من كلامه أنّ أبا العباس بن نوح وابن الوليد والصدوق رحمهمالله يعتبرون الوثاقة في الراوي دون أرجحية الرواية.
نعم ، قد يأتي الصدوق بكلام الواقفيّ وغيره ، وخصوصا لو جاء في كتب أحد
__________________
(١) الفهرست : ١٣٦ ت ٣١٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٩٠ ذيل الحديث ١٨١٧ ، والسبب في ذلك وجود محمد بن موسى الهمداني في السند ، وهو غير ثقة عنده.