فعمر بن الخطاب أراد أن لا يكون حثٌ عليها ولا دعاءٌ إليها ، فمنعها تحت طائلة أنّ البعض من الصحابة سيتركون الجهاد بدعوى أنّهم يؤدّون خير العمل وهو الصلاة ، فلا صلاة مع احتياج الأ مّة إلى الجهاد ، إلى غير ذلك من الكلام الذي مرّ بعضه في الباب الأول من الدراسة « حي على خير العمل الشرعية والشعارية » (١) ، وسيأتي البعض الآخر منه في الفصل الأوّل من هذا الباب.
ومما مرّ تعرف أن البحث مع الاخرين سهل ليس بالعسير المتعب كما يتصورّه البعض.
نحن نترك البحث مع العامة في هذا المجال ، ونقصر الكلام على أدلة الشيعة ، ونتناولها بأسلوبنا ومنهجنا الخاص ، لتتضح الأ دّلة لمن خفيت عليه ويقف عليها من لم يكن قد وقف عليها من قبل.
الشهادة الثالثة بين الأذان والإقامة
هذا ، وقد تصور البعض أن مبحث الأذان يختلف عن الإقامة ، لكون الأول خارجا عن حقيقة الصلاة والثاني داخل فيها ، فتجوز الزيادة والنقصان في الأوّل ولا تجوز في الثاني ، لكون الأذان إعلاما فقط ، أما الإقامة فهي من الصلاة.
وقد بارك لي أحد الإِخوة دراستي هذه عن الشهادة الثالثة موكّدا الاكتفاء بمبحث الأذان دون الإقامة ، لاعتقاده بأنّ الإقامة من الصلاة ، للروايات الواردة في ذلك ، فأجبته بأنّ الأمر لم يكن كما تتصوَّره ، إذ الفقهاء قد اختلفوا في ذلك ، فالنزرُ القليل اعتبروها من الصلاة ، والجُلُّ الأعظم جعلوها خارجة عنها.
ولكن مما لا يخفى على الباحث البصير أنّ الأذان والإقامة خارجان عن حقيقة
__________________
(١) كتابنا « الأذان بين الاصالة والتحريف » يقع في ثلاثة أبواب ، صدر الباب الاول منه تحت عنوان : « حيّ على خير العمل الشرعية والشعارية » أما الباب الثاني فهو « الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة » وهو قيد التدوين ، أما الباب الثالث فهو ما بايدينا.