يوجبون الاتيان بها على نحو الشطرية ؛ راو ين في ذلك روايات مكذوبة عن المعصومين.
العاشرة : ذكرنا سابقا بعض موارد الاختلاف بين القميّين والبغداديّين في الأُصول الرجالية والعقائدية ، وكذا تخالف منهج المحدّثين مع منهج المتكلّمين والفقهاء ، فلا نرى شيخنا الصدوق ـ في مجاميعه الحديثية ـ يتهجّم على أحد أو مجموعة كما تهجّم في مبحث الشهادة الثالثة ، فهو رحمهالله مُتَّزِنُ القلم ، ورقيق التعبير ، متين رصين في كلامه ، فلم أقف على كلمة « لعنهم اللّه » أو « أخزاهم اللّه » أو « خذلهم اللّه » وأمثالها عند بياناته الاُخرى ، بل وقفت على ترحّمه على من لم يلتقِ معهم في المذهب ، وذلك دليل على رزانته ومتانته ومرونته وتسامحه وبعده عن العصبية.
وبعد هذا فليس لي أن أخـرج عبارته هنا إلاّ من خلال محمل التقية ، أو أنّه عنى الّذين يأتون بالشهادة الثالثة على نحو الجزئية اعتمادا على الأحاديث الموضوعة ، ولا ثالث في البين غير هذين الاحتمالين ؛ لأنّ وصف جميع الشيعة القائلين بالشهادة الثالثة باللعنة مستحيل ، خصوصا ونحن نراه يروي روايات يمكن الاستدلال بها على محبوبية الشهادة الثالثة في أماكن أخرى من مجاميعه الحديثية ؛ ولسنا بعيدين عمّا رواه رحمهالله بسند معتبر في الأمالي عن الإمام الصادق بأنّ اللّه نوّه باسم عليّ في سماواته (١).
ومن المعلوم عند الجميع أنّ كلام المعصوم [ الصادق ] ـ في الأمالي مثلاً ـ يقدَّم على غيره ، وأنّ نقله عن الإمام مقدّم على اجتهاده ، وبذلك يكون مقتضى القاعدة في تفسير خبر الأمالي استمرارية الشهادة بالولاية في الأرض كذلك ، ويؤ يد ذلك ما رواه الكليني قدسسره في الموثّق أنّ اللّه أمر مناديا ينادي بالشهادات الثلاث لمّا خلق
__________________
(١) انظر الامالي : ٧٠١ / ح ٩٥٦.