الآخرين من المجتهدين من معاصريه ومن غيرهم التعبد به بنحو مطلق.
ونحن قد توصلنا وفق الصفحات السابقة إلى أنّ الشيخ الصدوق لا يقصد بكلامه القائلين بالشهادة الثالثة من باب القربة المطلقة ، بل يقصد القائلين بالجزئية ، وعلى أسوأ التقادير لسنا ملزمين بالأخذ بقوله رحمهالله إذا قصد القائلين بالشهادة الثالثة من باب القربة المطلقة ، لكنّ هذا الاحتمال غير ممكن في حقّ الشيخ الصدوق ؛ إذ هو قدسسره ـ بالنظر للعمومات ـ قد جزم بأنّ عليّا وليّ اللّه حقّا ، وروى روايات كثيرة في ذلك ، وهذا غاية ما يقال في هذه المسألة.
الثالثة عشر : إنّ الشيخ الصدوق كان يعتقد بصحّة بعض أقسام التفويض ، كالتفو يض في التشريع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال الشيخ المجلسي في البحار بعد نقله لكلام الصدوق في صفة وضوء رسول اللّه :
« ولعلّ الصدوق إنّما نفى المعنى الأوّل ـ من المعاني التي قيلت في التفو يض ـ حيث قال في الفقـيه : وقد فوض اللّه سبحانه إلى نبيّه أمر دينه ولم يفوض إليه تعدّي حدوده. وأيضا هو رحمهالله قد روى كثيرا من أخبار التفو يض في كتبه ولم يتعرّض لتأو يلها » (١).
وقال الصدوق في كتابه الاعتقادات : وقد فوّض اللّه إلى نبـيّه أمر دينه ؛ فقال عزّ وجل ( وَمَآ اَتَاكُمُ الرَّسُوُل فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ ) (٢) ، وقد فوض ذلك إلى الأئمّة (٣).
وفي الفقيه : قال زرارة بن أعين : قال أبو جعفـر [ الباقر ] عليهالسلام : كان الذي فرض
__________________
(١) بحار الانوار ٢٥ : ٣٤٩ / فصل في بيان التفو يض ، وانظر قول الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه ١ : ٤١ / ح ٨٢.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) اعتقادات الصدوق : ١٠١ / باب الاعتقاد في نفي الغلّو والتفو يض.