ويقوى احتمال التقية حينما تقف على أخذه الرواية عن كثير من أعلام العامّة وقراءته عليهم بعض رواياته متجنّباً مشايخه من الشيعة ، فقد شدّ الرحال إلى مختلف الحواضر العلمية آنذاك كبغداد ، والكوفة ، والريّ ، وخراسان ، ونيسابور ، ومرو الروذ ، وهمذان ، واستراباد ، وجرجان ومكة ، والمدينة ، لتحمّل الحديث عنهم.
وقد خرج بالفعل إلى ما وراء النهر ومرّ بـ « سمرقند » ، وسمع بها من أبي أسد ، وعبد الصمد بن عبد الشهيد ، وعبدوس بن علي الجرجاني في سنة ٣٦٨ هـ (١) ، و « ايلاق » ، وسمع فيها من أبي نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب ، وأبي الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري في سنة ٣٦٨ هـ (٢) ، و « فرغانة » ، وسمع فيها من أبي أحمد ، محمد بن جعفر بن بندار الشافعي ، وتميم بن عبد اللّه بن تميم القرشي (٣) ، وغيرهما.
وكان بين مشايخه ومن روى عنهم من النواصب ، فقد روى الصدوق عن أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبيّ ، أبي نصر في كتاب العلل ، والمعاني ، والعيون ، وقال فيه : ما لقيت انصب منه ، وبلغ من نصبه أنّه كان يقول : « اللهم صل على محمد » فردا ، ويمتنع من الصلاة على آله (٤).
وقد كتب كتابه « من لا يحضره الفقيه » في بلخ (٥) ، وقد أحصى المحدّث
__________________
(١) الخصال : ٤٥ ، ٢٢٠ ، عيون أخبار الرضا ١ : ١٢ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٦٥.
(٢) الخصال : ٢٠٨ ، عيون أخبار الرضا ١ : ١٥٥ ، اكمال الدين واتمام النعمة : ٢٩٢.
(٣) الخصال : ٢٨ ، ٢٦٨ ، التوحيد: ٣٥٣.
(٤) عيون أخبار الرضا ١ : ٣١٢ ح ٣ ، باب ذكر البركات التي ظهرت من مشهد الرضا عليهالسلام ، معجم رجال الحديث ١ : ٧٠.
(٥) وقد سمع فيها من أبي عبداللّه ، الحسين بن أحمد الاشنائي الرازي ( انظر معاني الاخبار : ٢٠٥ / ح ١ ، من باب معنى قول النبي لعلي ... ) ، والحسين بن أحمد الاسترآبادي ( انظر الخصال : ٣١١ / ح ٨٧ ) ، وأبي الحسن محمد بن سعيد بن عزيز السمرقندي ( انظر التوحيد : ٩٦ / ح ١ ، باب معنى التوحيد والعدل ) ، وغيرهم.