زمانه تاركا الكلام عن الاتين بها بقصد القربة المطلقة ، لقوله : « المدلسون انفسهم في جملتنا ».
وعليه فالشيخ الصدوق رحمهالله لا يعني الذين ذكروها إعظاما لأمير المؤمنين ، أو دفعا لاتّهام المتهمين للشيعة ـ في تلك العصور وحتّى من بعدهم ـ بأ نّهم : يقولون بألوهية الإمام عليّ ، أو أنّهم يدّعون خيانة الأمين جبرئيل في مأموريته ، وأنه كان مكلّفا في إنزل الوحي على علي بن أبي طالب ، لكنه ـ والعياذ باللّه ـ خان ونزل على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلى غيرها من التّهم الموجّهة جُزافا إلى الشيعة.
فلو أتى الشيعي بالشهادة الثالثة لكي ينفي هذه التهم عنه ، وليقول : بأنّ اللّه هو الإله الذي نعبده ولا نشرك به ، وأنّ محمدا هو الرسول الذي جاء من عنده ، وأنّ الإمام عليا ليس إلاّ وليّ للّه وحجّته على عباده.
فإنّ الشيخ لا يمانع من ذلك ؛ لأن الأدلّة الشرعيّة هي مع القائل بها ، ولا نرى مانعا من أن يأتي المكلّف بالشهادة الثالثة لهذا الغرض.
وبهذا ، فنحن نوافق الصدوق في هجومه على الذين يأتون بها على نحو الجزئية ـ استنادا للأخبار الموضوعة ـ وفي الوقت نفسه لا نتردّد في أنّ الشيخ الصدوق على منوال جميع الأصحاب قائل بمحبوبيتها الذاتية العامّة ؛ لأنّ ذلك لا بأس به بالنظر للمعايير الفقهية والحديثية العامّة.
وباعتقادي أنّ الشيخ كان يرى رجحان الإتيان بها في الأذان لعموم الأدلة التي كانت عنده لكنْ لا بقصد الجزئية. ولعلّه قد فهم من المفوّضة أنّهم كانوا يأتون بها على نحو الجزئية ، ولأجله تهجّم عليهم.
ونحن نعتقد وكذا الشيخ قبلنا ، بأنّ هؤلاء الأئمة هم وسائط الفيض الالهي ، وقد منحهم ربّ العالمين هذه القدرة ، وليس كلّ ما يذكر لهم من منازل عالية في كتب الحديث والعقائد يستتبعه القول بالغلوّ أو التفويض ، فهم عباد مكرمون من