من المعلوم أنّ الشيخ المفيد من كبار فقهاء الإمامية ومتكلّميهم ، وقد اختلف بالفعل مع الشيخ الصدوق ـ ومع غيره من علماء الإمامية ـ في مسائل ذكرها في كتابه ( تصحيح الاعتقاد ) و ( أوائل المقالات ).
والآن نتساءل : لماذا لا نراه رحمهالله يعترض على الصدوق فيما قاله في الشهادة الثالثة؟ وهل أنّ عمله هذا يعدّ تأييدا له في هذه المفردة؟ أم هناك ملابسات اُخرى يجب توضيحها؟
الجواب : نعم ، إنّ الشيخ المفيد ومعاصِرَيْه « ابن الجنيد (١) والعماني (٢) » لم يتعرضوا إلى الشـهادة الثالثة في فتاويهم لا سلبا ولا إيجابا ، بل اكتفى المفيد في المقنعة بالقول في باب « عدد فصول الأذان والإقامة » :
|
والأذان والإقامة خمسة وثلاثون فصلاً : الأذان ثمانية عشر فصلاً ، والإقامة سبعة عشر فصلاً (٣). |
وكلامه هذا يقتضي أنّه لا يتّفق مع الصدوق فيما ادّعاه في صحّة ما رواه أبو بكر الحضرمي وكليب الأسدي (٤) والذي فيه تربيع التكبير وتثنية التهليل في الإقامة ، وبه تصير الإقامة عند الصدوق ٢٠ فصلاً (٥) ، وهذا ما لا يتبنّاه المفيد في « المقنعة » ، هذا أوّلاً.
وثانيا : إنّ الشيخ المفيد قد اختلف مع شيخه الصدوق رحمهالله في المسائل
__________________
(١) انظر مجموعة فتاوي ابن الجنيد للاشتهاري : ٥٥.
(٢) انظر رسالتان مجموعتان من فتاوي العلمين : ٣١.
(٣) المقنعة : ١٠٠.
(٤) قال الصدوق : « هذا هو الأذان الصحيح الذي لا يزاد فيه ولا ينقص » ، من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٠ / ح ٨٩٧.
(٥) فرّق الشيخ محمد تقي التستري في « النجعة في شرح اللمعة » ، وقد مر كلامه في: ٢٥٩ فلاحظ.