فصوله » كالقنوت. الشيخ رحمهالله لا يمنع العمل بالأخبار الشاذّة إلاّ إذا امتنع الجمع ، وهو يفهم بأنّ الشاذّ عنده له حجيّة بنحو الاقتضاء لا الفعلية ، لأنّ الترجيح فرع الحجية الاقتضائية.
واللاّفت للنظر هو أنّ الشيخ أول من صَرَّح بوجود أخبار شاذّة في الشهادة بالولاية ، دون أن يرميها بالوضع كما فعل الصدوق رحمهالله ، وهو يتضمّن إمكانية اعتبارها في مرتبة ما من مراتب الاعتبار الشرعي ، والمراجع لكتاب الاستبصار يرى أنّ الشيخ لا يترك الأخبار الشاذّة بالمّرة وإن أمكنه الحمل على الجواز أو الاستحباب حَمَلها على ذلك ، وقد مر عليك بأ نّه رحمهالله قد حكم بالشذوذ على الرواية التي أوجبت الوضوء من قص الأظافر بالحديد وترك العمل بها ، لكنّه لم يترك القول باستحباب الوضوء جمعا بين الأدلة.
فالّذي نحتمله هنا أنّ الشيخ تعامل مع روايات الشهادة الشاذّة على منوال رواية الوضوء من الحديد ، فأفتى بالجواز استنادا لذلك.
هذا ، وإنّ فتواه رحمهالله تكشف عن سيرة بعض المتشرّعة في عصره ـ في حدود من يرجع له بالفتوى ـ وأنّها امتداد للسيرة التي كانت في عصر المرتضى رحمهالله ، وهذا يعني بأنّ لهذه السيرة وجودا في العصور المتأخرة تدور مدار المرتضى والطوسي وغيرهما ممن أفتى بالجواز ، وهم مشهور الطائفة.
وعليه فغالب العلماء بدءً من السيّد المرتضى والشيخ وحتّى الصدوق لا يرتضون جزئيّتها ، وفي الوقت نفسه يذهبون إلى جوازها.
وإنّ مطالبة البعض بنقل التواتر في هكذا اُمور ممّا يأباه العقل ، لأنّ وصول أمثال هذه الروايات الشاذّة قد كلَّفنا الكثير ، فكيف يريد هذا البعض نقل التواتر على ما ندّعيه وخصوصا نحن لا نريد إثبات الجزئية؟!
أمّا ابن البرّاج ( ت ٤٨١ هـ ) فهو أوّل من أفتى باستحباب الشهادة بالولاية ولكن على نحو قَوْلها في النفس ، وفي مثل هذه الفتوى نقلةٌ نوعيّة من فتوى