الجواز عند السيّد المرتضى والشيخ الطوسي إلى القول بالاستحباب بها في النفس ، والمناطُ واحد في الجميع وهو التبرّك والتيمّن.
والمثير للانتباه أنّ ابن البرّاج قيّد الشهادة الثالثة بالعدد أعني المرَّتين ، ومعلوم بأنّ مثل هذا القيد يستبعد أن يكون عن حدس واجتهاد ، بل هو مبتَنٍ على وجود رواية قد شاهدها ابن البراج عن حِسٍّ ، إذ يلوح من التقييد بعددٍ مخصوص التوقيفيَّةُ ، والتوقيفيّةُ لا يناسبها إلاّ الأخبار والروايات ، يشهد لذلك أنّ جملة « محمد وآل محمد خير البرية » هي عينها التي جزم الشيخ الطوسي بورود الأخبار الشاذّة بها ، وشهادة الصدوق بأنّها موضوعة ، ومعنى هذا أنّ هذه الأخبار ليست بشاذّة عند ابن البراج ولا موضوعة.
وممّا يجب التنبيه عليه أنّ الاستحباب عند ابن البراج لا علاقة له بماهية الأذان إلاّ للتبرّك والتيمّن ، بقرينة الشهادة بها في النفس ، بل نحتمل قويّا أنّ كلامه قدسسره كان ناظرا إلى أمثال حسنة ابن أبي عمير ، فأراد تفسير الحيعلة الثالثة بما أفتى به.
أمّا حكاية يحيى بن سعيد الحلي ( ت ٦٨٩ ه ) والعلاّمة الحلي ( ت ٧٢٦ ه ) لشواذّ الأخبار ، فهي لتشير إلى وقوف الحليين على تلك الأخبار بعد الشيخ الطوسي ، وذلك لعدم حكايتهما ذلك عن الشيخ الطوسي ، وهو الأخر يؤكّد بأنّ هذه السيرة عند الشيعة لم يكن مرجعها الشيخ الطوسي ، بل كانت قبله واستمرت من بعده ، وأنّ الفقهاء من بعد الشيخ لم يتّبعوه في الفتوى بالجواز تقليدا بل لوقوفهم على تلك الأخبار ، والتي كانت موجودة إلى عهد العلاّمة الحلي.