قال الشيخ : أمّا الشهادة لعلي عليهالسلام بالولاية وأنّ محمدا وآله خير البرية فهما من أحكام الإيمان لا من ألفاظ الأذان ، وقطع في النّهاية بتخطئة قائله ، ونسبه ابن بابويه إلى وضع المفوّضة ، وفي المبسوط : لا يأثم به (١). |
فالشـهيد الأوّل في هذه النصـوص حكى كلام الشيخ الطوسي ، وليس في كلامه رحمهالله ما يشير إلى أنّه قد وقف على تلك الأخبار بنفسه ـ كما استظهرنا ذلك من كلام يحيى بن سعيد الحلي ، والعلاّمة الحلي واحتملناه بقوّة ، مؤكّدين أنّهما وقفا على أخبار الشهادة الثالثة كالشيخ رحمهالله ـ لكنّ الشيخ التقيّ المجلسي (٢) عدّه مع الشيخ الطوسي والعلاّمة ضمن من وقفوا على تلك الأخبار ، وهذا لا يمكن استفادته من « الذكرى » و « البيان » بوضوح ، فقد يكون الشهيد صرّح بما يشير إلى وقوفه عليها ضمن كتبه المفقودة ، أو أنّ المجلسيّ عدّه مع الشيخ الطوسي لتبنّيه قول الشيخ وأخذه به في كتابَيْه « ذكرى الشيعة » و « البيان ».
وأمّا ما قاله رحمهالله : « فهما من أحكام الإيمان لا من ألفاظ الأذان » ، فهذا ما لا نخالفه ، بل إنّا نقول بما قاله الشيخ الطوسي من عدم الإثم في الإتيان بها ، وأمّا كونها من ألفاظ الأذان فلا نقول به.
والحاصل : أنّ الذي يظهر من الشـهيد الأوّل هو أنّه يفتي بعدم إثم قائل الشهادة الثالثة في الأذان بشرط عدم اعتقاد الجزئية فيها ، على غرار فتوى الشيخ الطوسي ، ويشير إلى ذلك نقله لقول الشيخ الطوسي وعدم تعليقه عليه بشيء ، وهذا يعني التزامه به ، وإلاّ فمن غير المعقول أن تكون كتبه الذكرى والدروس والبيان ، وهي تجمع فتاويه ساكتة عن الشهادة الثالثة مع أنّها مسألة فقهية لها علاقة وثيقة
__________________
(١) الدروس الشرعية في فقه الإمامية ١ : ١٦٢ ، تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي.
(٢) روضة المتقين ٢ : ٢٤٥ ، والذي مر عليك قبل قليل في صفحة ٣٣٩.