هذا ، ونحن لا نرتضي استدلال كاشف الغطاء والنراقي رحمهما اللّه في حذف كلمة ( الولاية ) من الأذان ، لأنّ كلمة الولاية وردت في غالب رواياتنا ، فلا يمكننا أن نتغاضى عما فيها من دلالات ومفاهيم عرفها المتشرّعة ، أو نرفع اليد عنها ، لأنّ معناها معروف عندنا ـ بل وعند العامّة ـ بمعنى الأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : في يوم عيد الغدير عن علي عليهالسلام : « هو أولى بكم من أنفسكم » (١) ، وإن كان الآخرون يريدون أن يتغافلوا عن معناها أو يستفيدوا منها شيئا آخر ، فهذا لا يعنينا بل يعنيهم ؛ فالمؤذّن الشيعي حينما يقول هذه الجملة يريد أن يبوح بما يعتقد به في أئمته ، وهي الرئاسة والزعامة والخلافة المنصوبة من قبل اللّه للأئمّة المعصومين عليٍّ والأَحد عشر من أولاد رسول اللّه ، وإن كان الآخرون يحاولون التنكُّر لها ، لكنّهم يعرفون معناها تماما على الأقلّ من وجهة نظر الإمامية ، وذلك كافٍ في إظهار شأنه عليهالسلام ورجحانه الذاتي ، وردّ المخالفين وإرغام أنوف المعاندين.
فلو أذعنّا لِما يتأوّله المعاندون ، ويحرّفه المحرّفون للزمنا أن نرفع اليد عن غالب المشتركات اللفظية الاخرى ، كلفظة « الإمام » المخصوصة عندنا بالمعصومين من آل الرسول ، مع أنّها لغةً يصحّ إطلاقها على كُلّ من أَمَّ جماعة قومٍ ؛ حقّا أو باطلاً ، وحسبك قوله تعالى ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (٢) ، وقوله تعالى ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) (٣) ، فهذا لا يمنع من استعمالها في خُصوص الإمام المعصوم ومعرفة غير الإمامية بذلك ، بعد استقرار استعمالهم لها في ذلك ، حتّى صارت مصطلحا في الإمام المعصوم ، بحيث لا يتبادر للذهن
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين للحاكم ٣ : ١٣ / ح ٦٢٧٢ ، قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، قال الذهبي في تعليقه : صحيح.
(٢) الأنبياء : ٧٣.
(٣) القصص : ٤١.